تعديل الدستور وقطع طريق معركة الرئاسة - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعديل الدستور وقطع طريق معركة الرئاسة

نشر فى : السبت 12 أغسطس 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : السبت 12 أغسطس 2017 - 10:05 م

فى ظل الأجواء السياسية القائمة لا مجال للاجتهاد والتجويد أو الخروج عن النص، فلا يسمح للمقربين أو المحبين من سياسيين أو إعلاميين بطرح مبادرات أو جس نبض الشارع دون توجيه يصدر من دائرة السلطة المغلقة، ومن ثم فإن دعوات تعديل مواد الدستور الخاصة بمدة الرئاسة واختصاصات الرئيس التى طُرحت خلال الأسبوع الماضى ليست من بنات أفكار أصحابها وإنما هى خلاصة تفكير وبحث أهل الدائرة.

وأعتقد أن مربط الفرس فى توجه أهل تلك الدائرة لتعديل مواد دستور «النوايا الحسنة» هو قطع الطريق على إجراء انتخابات الرئاسة المقرر لها مطلع العام المقبل، فالأحوال المعيشية الصعبة التى يمر بها السواد الأعظم من المصريين قد تدفعهم إلى هجر صناديق الانتخاب وهو ما يهز شرعية النظام الحاكم الذى يرغب فى نسبة مشاركة مرتفعة جدا، وليست متدنية، كما حدث فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة، فتدنى نسبة المشاركة سوف ينظر إليه باعتباره تراجعا فى شعبية الرئيس».

من حق الدائرة المحيطة بالرئيس أن تقلق على شعبيته وتخشى المجازفة بخوضه المعركة الرئاسية فى ظل حالة الحنق العام التى أصابت عموم الشعب فى أعقاب قرارات ما يسمى بالإصلاح الاقتصادى، تخوف هؤلاء فى محله فعندما تصل نسبة التضخم إلى ما يقرب من 35% وفقا للأرقام الرسمية، ويرتفع الدين الخارجى إلى نحو 74 مليار دولار والداخلى إلى 3 تريليونات جنيه بحسب بيانات البنك المركزى، ولا يوجد فى الأفق ما يطمئن الناس على المستقبل فمن المنطقى أن يقلق أهل الحكم على مستقبلهم، ويفكرون فى تحاشى المواجهة الرئاسية وتأجيلها حتى يتمكن من «حرث وغرس وزرع، أن يحصد بيديه، ويقدم الثمار لمن فلح الأرض من أجلهم» على حد تعبير زميلنا ياسر رزق رئيس مجلس إدراة الأخبار فى مقاله الأخير.

لكن يبدو أن الدائرة التى تدرس وتبحث وتوجه لم تكلف خاطرها بالنظر إلى تجارب الماضى القريب، فكل من تلاعب فى القواعد التى أوصلته إلى السلطة كتب على نفسه سوء الخاتمة، فعلها السادات فى مطلع عام 1981 وقدمت السيدة فايدة كامل عضو مجلس الشعب وزوجة وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل، مقترحا بتعديل المادة 77 من الدستور، بما يسمح لرئيس الجمهورية بأن يبقى لمدد غير معلومة، بعد أن كانت المادة تنص على أن «مدة رئيس الجمهورية 6 سنوات ويجوز أن تجدد لمدة واحدة أخرى»..

حازت «تعديلات الهوانم» الدستورية حينها على تأييد غير مسبوق، وصوت نحو 11 مليون ناخب بـ«نعم»، فيما رفض التعديلات ما يقرب من 60 ألف شخص، وصفهم السادات بـ «العناصر الشاذة»، فى كلمة شهيرة ألقاها فى سبتمبر 1981، وبعدها بأساببيع اغتاله «أولاده» فى حادث المنصة الشهير، ليستفيد خلفه مبارك من تلك التعديلات ويجسم على صدورنا 5 مدد رئاسية، جرف فيها كل شىء، ودمر معظم مؤسسات الدولة وحولها إلى «خرابة» بتعبير الرئيس السيسى.

جمد مبارك السياسة، وقضى على التجربة الحزبية التى لم تكن اكتملت بعد، وزور الانتخابات النيابية لصالح حزبه «الوطنى»، لكن أول ما امتدت يده للعبث فى الدستور عام 2005، ليمهد الطريق أمام «الوريث»، بدأ الشارع فى الحركة، وتشكلت كيانات جديدة، وتصاعد الغضب حتى سقط فى 25 يناير 2011.

أما الرئيس الإخوانى محمد مرسى الذى وصل إلى سدة الحكم فى أول انتخابات تعددية حقيقية شهدتها البلاد، فلعب فى عداد سنوات حكمه سريعا، واندفع إلى تغيير قواعد اللعبة التى قادته إلى «الاتحادية»، ووقف على محطة الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 فعاد به القطار مع قادة جماعته إلى السجون مرة أخرى، ليصبح لمن بعده آية.

التعليقات