«إزى الصحة».. تلك الجملة المتداولة التلقائية التى تعقب مباشرة «أهلا وسهلا» عند اللقاء فى كل المناسبات الودية فى كل بلاد العالم، تعكس أهمية الصحة فى حياة كل الناس بلا استثناء.. «الصحة والستر» أمنية كل مواطن مصرى بغض النظر عن انتمائه الاجتماعى أو وضعه الطبقى. لماذا أكرر المعنى والكل وأولهم أنا يعلم مدى أهمية مشروع الصحة فى حياة البشر وأنه مع التعليم عمود الأمة؟
الوهم فى مشروع الصحة فى مصر صناعة محلية فنحن نتحدث دائما عن افتتاح مستشفيات جديدة ومشروعات عملاقة ومهام خدمية ونوايا طبية لخدمة غير القادرين من الموزعين على خريطة وادى النيل، ثم سرعان ما ننسى، لأنه الواقع سرعان ما يختلط بالخيال.
لست أبدا من دعاة الهدم أو تصيد الأخطاء، لكنى فى الواقع فى حالة صدمة وأنا أتابع ما حدث فى مدينة طوخ ثم إخلاء المستشفى المركزى الوحيد بها والذى يخدم كل سكانها والبلاد المجاورة لها إثر انهيار المبنى.
لم نعلن عن الأمر إلا مؤخرا حينما نقل نائب مجلس النواب الأمر للمجلس الذى شكل لجنة للدراسة انتقلت إلى طوخ لتستمع إلى شكاوى وعذابات المواطنين الذى انهار على رءوسهم مبنى المستشفى الوحيد الذين يلجئون إليه، فأوصت اللجنة بإدراج مشروع لتطوير المستشفى وإعادة تجديدها، الأمر الذى يتكلف فى تقديرهم ٤٠٠ مليون جنيه.
جاء رد وزارة الصحة مخيبا للآمال بأنه ليس لديها نية التطوير لعدم توافر ميزانية وكان أن وزعوا الخدمات على المراكز الطبية الأخرى وأهمها مستشفى العمار، وأصدر السيد وكيل وزارة الصحة بيانا أوضح فيه أن كل شىء على ما يرام، وأنه زار المكان، وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان.
الواقع أن الأمر كارثى وأن نقل الخدمات إلى أماكن أخرى لا يعنى على الاطلاق أن الخدمات الصحية قائمة بل إن شكاوى المواطنين من سوء الأحوال ليست بحاجة للتحقق منها.
هل زيارة السيد وكيل الوزارة وتوجيهاته لتوفير الأدوية والاحتياجات وتقديم الخدمة الطبية فى ظل تلك الظروف الاستثنائية هو الحل الذى يجب أن تتبناه الدولة تجاه مواطنيها الذين يواجهون المرض عزل.
دائما ما ينتهى دور السيد المسئول فى بلادنا عند انتهاء الزيارة إلى موقع الحدث فى زفة إعلانية مصورة وإلقائه حديثا عنتريا يعلن به عن الحدث دونما أى بادرة لحل أو إنهاء لأزمة.
تفاصيل وقائع قضية الصحة فى مصر لم تعد بحاجة لتشخيص فهى واضحة لدرجة تلزم بالتدخل لحلها لكننا كالنعامة التى تدفن رأسها فى الرمال على اعتقاد أن التعامى هو الحل.
أعرف تماما أن الأمر ليس بهين وأن المشكلة جد معقدة لكنى أيضا على ثقة من أن الحل قائم لكننا لسنا على طريق دول أخرى لها تجربة علمية محترمة فى الخروج من عنق الزجاجة.
الحل أبدا لن يكون بادعاء ما ليس لدينا فى محاولة لإرضاء صاحب الأمر والنهى.. لن يكون هناك علاج بدون تشخيص سليم معلن.
تحويل خدمات مستشفى طوخ المركزى لمراكز طبية أصغر حل مؤقت لأزمة يجب أن تنتهى فى أسرع وقت ممكن. ليس لمستشفى العمار أن يستوعب إمكانات خدمة أهالى منطقة طوخ وتقوم باعبائها إلا وفقا للقول المصرى الموحى «فى المشمش».