أين ذهب السمك البلطى؟ - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:15 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين ذهب السمك البلطى؟

نشر فى : الخميس 13 أبريل 2023 - 8:55 م | آخر تحديث : الخميس 13 أبريل 2023 - 8:55 م
حتى وقت قريب كان السمك البلطى فى مصر بمثابة طوق النجاة لغذاء غير المقتدرين، فبه يحصلون على البروتين الحيوانى بأسعار كانت لا تزيد عن الـ 10 جنيهات للكيلو الواحد. اليوم حيث طال الغلاء كل شىء، لم يستثنى السمك البلطى من الأمر، بعد أن أصبح متوسط سعر الكيلو الواحد حوالى 80 جنيها، ومعه ارتفعت أسعار باقى الأسماك التى كان سعرها لا يجاوز الـ 70 جنيها كالبورى والشعور والسبيط إلى مبالغ خيالية.
المؤكد أن هناك تطورًا حدث فبعد أن قفز سعر الكيلو الواحد من البلطى إلى 20 جنيها، افتتحت مشروعات غذائية كثيرة، ومنها بركة غليون، عقب ذلك وبدلا من توافر البلطى أو على الأقل ثبات سعره، قفزت الأسعار إلى 40 جنيها للكيلو، وها هى اليوم الأسعار تقفز إلى أكثر من ضعف هذا الرقم الأخير فى الأسابيع الثلاثة الماضية.
المهم أن تلك المشكلة تحدث وأغلب المؤشرات القائمة فى حالتنا هذه مؤشرات ثبات إن لم تكن مؤشرات رخص أسعار البلطى. فمصر تمتلك 7000 مزرعة سمكية غالبيتها العظمى تخص البلطى، وهى بمساحة تباينت الإحصاءات بشأنها ما بين 320 ــ 359 ألف فدان. وإنتاج مصر إجمالا من الأسماك قفز من 2017 إلى اليوم من 1.6 مليون طن إلى 2 مليون طن، ولا يشتمل ذلك على ناتج المزارع السمكية فقط، التى ارتفع إنتاجها من عام 2015 إلى اليوم من 1.1 مليون طن إلى 1.6 مليون طن. بل يتجاوزه إلى إنتاج الأسماك من البحيرات المصرية المختلفة التى تنتج 220 ألف طن، بعد أن كانت عام 2017 لا تجاوز 170 ألف طن، وكذلك مياه النيل التى ارتفع إنتاجها فى ذات الفترة من 58 ألف طن إلى 78 ألف طن، ناهيك عن البحر الأحمر وينتج منه 100 ألف طن.
كل ما سبق قفز بالوضع المصرى لشكل إيجابى ومتميز، كى تكون البلاد الأولى أفريقيا والسادسة عالميًا فى الاستزراع السمكى، بل إن مصر وبالتعاون مع دولة اليابان سعت إلى دعم إنتاج الأسماك عبر الاستزراع فى عديد البلدان الأفريقية.
بالطبع توجد مشكلة فى إنتاج الأعلاف، وهى ذات المشكلة التى عانى منها مربو الدواجن خاصة وكل مرابى اللحوم عامة، وذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه، والإجراءات العشوائية الخاصة بتوافر الدولار، والتى أثرت على تراكم الأعلاف فى الموانئ المصرية، وهى المشكلة التى فاقمتها جزئيا الحرب الروسية الأوكرانية، وهى ترتبط بالطبع بقلة إنتاج الآلاف فى مصر، بسبب عدم توافر الخامات الرئيسية لعلف الأسماك وعلى رأسها الذرة والفول الصويا ورقائق الشعير، إضافة إلى مكسبات زيت السمك والحنطة وغيرها. كل ما سبق رفع سعر الطن من 8300 جنيه عام 2019 إلى نحو 13800 جنيه اليوم، وذلك بالنسبة للعلف العائم أو الغاطس على السواء، وهو ارتفاع واضح أنه يقل بكثير عن الارتفاع الذى طال علف الدواجن والمواشى الذى زاد ثلاثة أضعاف، لاعتماد الأخير بشكل رئيس على الذرة الصفراء. وكذلك زيادة إنتاج الوحدة المنتجة بالنسبة لكم العلف، إذ إنه فى حالة البلطى تحتاج الواحدة من الزريعة زنه 20 جراما إلى 800 جرام من العلف ليصل وزنها إلى كيلو جرام، خلال الدورة.
بعبارة أخرى، لم تكن أزمة الأعلاف مبررا كافيا لهذه الطفرة الكبيرة فى الأسعار، خاصة وأننا أصبحنا منذ عدة أشهر أمام وجود هيئة منشأة حديثًا، تشير كل الدلائل إلى أنها تعمل بجدية، وهى جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية القائمة وفق قانون 146 لسنة 2021.
بالتأكيد هناك تكاليف النقل التى ارتفعت بشكل باهظ، بما يشى بأن ملاك وسائل النقل كادوا يكونوا شركاء فى إنتاج الأسماك بين المنتج وتاجر الجملة، إذ يتكلف نقل الكيلو الواحد فى بعض الأحيان 10 جنيهات.
من ناحية أخرى، فقد تم فى الآونة الأخيرة إعادة تشغيل بحيرتى المنزلة وناصر بكفاءة عالية، بعد كم الهدر والفساد فى الماضى. هنا نشير إلى أن البحيرة الأخيرة التى هى الأكبر فى مصر (طول 550كم ــ مساحة 5250 كم مربع ــ متوسط عرض 12 كم) ارتفع كم المنتج منها عام 2021 إلى 28 ألف طن، ويستهدف أن تنتج 50 ألف طن حتى 2027، وهى تمتلك أربعة موانئ توريد، ويعمل بها القطاعان العام والخاص بإدارة كفؤة.
غاية القول إننا لا زلنا فى حاجة ماسة لمصدر أعلاف رخيص، والمزيد من الاستثمارات فى المزارع السمكية، وكذلك دعم البحيرات الداخلية بملايين الأصبعيات أو الزريعة، مع الرقابة الشديدة لمنع الصيد الجائر، حتى نستطيع عودة الاستقرار لهذه السوق المتميزة.
عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات