غطى الصخب الذى صاحب مبارياتنا فى تصفيات كأس العالم حتى وصل الى ذروته فى مباراة مصر والجزائر المقررة اقامتها غدا، على حقيقة « فساد» واقعنا الرياضى الذى لا يمكن فصله عن الفساد فى حياتنا السياسية والاقتصادية.
وقد أثارت أزمة اختفاء تذاكر المباراة المفاجئ من أماكن بيعها الرسمية وبيعها بأضعاف ثمنها فى السوق السوداء، تساؤلات مريرة حول قوة مافيا الفساد التى هزمت الأمن كالعادة فى هذه المعركة التى تتكرر فى كل المباريات المهمة.. إلا أن الأخطر من ذلك هو الاستغلال الحكومى لهذه المباريات بانتهازية شديدة تغطى من خلالها على التدهور الحاد فى مستوياتنا الرياضية فى كل اللعبات، مع الادعاء بأننا حققنا انتصارات تاريخية كما لوكنا قد فتحنا عكا من جديد.
وحتى لو هزمنا الجزائر غدا بالثلاثة، فإن كل انتصاراتنا الرياضية وهم فى وهم، وكل كئوسنا الذهبية هى فى واقع الأمر خردة وصفيح.. فمن المفترض ان تعبر هذه البطولات عن قاعدة شعبية كبيرة تمارس الرياضة، وهذا أمر لا يحدث فلا توجد نوادٍ تكفى لملايين المصريين، وحتى المدارس اختفت منها ممارسة الرياضة، والشوارع الجانبية فى معظم احياء القاهرة التى كانت قديما ميدانا لمباريات ساخنة فى كرة القدم لم تعد تصلح حتى للمشى بعد ان احتلت السيارات المركونة ارصفتها، بل إن القاهرة نفسها لم تعد تصلح لممارسة أى رياضة بعد أن فاقت معدلات التلوث فى هوائها كل النسب المسموح بها عالميا بمراحل.. لدرجة أن الرئيس مبارك نفسه لم يعد يفضل الإقامة فيها وأصبح يمضى معظم وقته خارجها وغالبا فى شرم الشيخ!
وفى ظل هذه البطولات الزائفة، يبدو اننا نرتكب جريمة بإصرارنا على هذه الفلسفة الرياضية المسمومة التى تتمثل فى الاحتيال على صحة الناس بإبعادهم عن ممارسة الرياضة، وإرهاق اعصابهم بشحنهم عاطفيا لمتابعة البطولات المهمة، ثم تخديرهم ببطولات فردية لا تعبر عن واقعنا الرياضى من قريب أو من بعيد.. رغم اننا نملك تغيير كل هذه الأوضاع المقلوبة بإعادة استثمار مئات الملايين من الجنيهات التى تنفق على الرياضة سنويا فى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، خاصة أن نسبة ممارسى الرياضة مقارنة بعدد السكان فى مصر فضيحة بجلاجل اقسى من فضيحة صفر المونديال.
وانا شخصيا ورغم زملكاويتى التى تجرى فى عروقى مجرى الدم، على استعداد تام للتضحية بنادى الزمالك، وقبله الأهلى طبعا، بشرط أن تعود الرياضة الى المدارس كما كنت أمارسها انا وابناء جيلى فى مدارس زمان.