قبل أن نهزم إسرائيل - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:45 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن نهزم إسرائيل

نشر فى : الثلاثاء 15 يوليه 2014 - 8:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 يوليه 2014 - 8:50 ص

رغم بربرية الهجوم الإسرائيلى على غزة الذى أوقع المئات من الفلسطينيين مابين شهيد ومصاب، غالبيتهم العظمى من المدنيين الأبرياء، فلا يمكن إعفاء حماس من مسئوليتها عن توفير الأسباب لهذا العدوان الوحشى، فحماس هى التى أشعلت فتيل هذه الحرب بإطلاق عدة صواريخ على مناطق إسرائيلية عجزت، كما يقول أحد الساخطين، عن إصابة يهودى واحد حتى بالإنفلونزا، لكن حكومة نتنياهو وجدتها فرصة لتعلن ما يشبه حرب الإبادة على الفلسطينيين.

قد يمكن تفهم أسباب حماس لخوض هذه المغامرة مع إسرائيل على أكثر من مستوى، أولها الهروب من اتفاق المصالحة مع حكومة محمود عباس، وإجراء انتخابات نيابية جديدة بجانب تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وهو ما يهدد بانتحار حماس سياسيا مع انتهاء سيطرتها على غزة، وبالتالى لم يكن أمامها سوى خوض حرب مع إسرائيل أيا كانت نتائجها الإنسانية المأساوية.

وثانيا، المطالبة بفتح مطار غزة أمام حركة الطيران الدولية، وإنهاء الحصار الإسرائيلى لمينائها على البحر المتوسط لقبولها إبرام اتفاق هدنة مع إسرائيل، وهما مطلبان يصعب القول أن حماس تستطيع تحقيقهما، بدون تحقيقها «انتصارا عسكريا ما» على أرض المعركة، وهو أمر متاح على كل الأحوال حسب التطورات الميدانية، والضغوط الدولية على إسرائيل!

وثالثا، استعادة ولو بعض من شعبيتها المفقودة فلسطينيا وعربيا وإقليميا، ولتتاجر بدماء مئات الشهداء والمصابين من الأطفال والنساء والشيوخ، لتبدو بمظهر الضحية التى تواجه لوحدها آلة حرب همجية.

ورابع هذه الأسباب، قد يعود إلى رغبة حماس فى الضغط على الحكومة المصرية لفتح الأنفاق التى يستخدمها بارونات حماس فى تهريب البضائع والتى أصبحوا بعدها من المليونيرات، ومن جهة ثانية تقديم الدعم لأنصار مافيا الإخوان فى مصر الذين يتراجع ثقلهم السياسى بمرور الوقت.

قد يكون من الصعب تصور أن حماس أشعلت فتيل هذه الحرب لكى تستدرج مصر فى حرب مع إسرائيل، وهو ما عبر عنه التصريح البائس الذى أطلقه القيادى الحمساوى خالد مشعل قائلا فيه إنه ينتظر نخوة الجيش المصرى لمساندة حماس فى حربها ضد إسرائيل، فليست هكذا تشن الحروب ضد إسرائيل،

وتصريح مثل هذا ليس أكثر من محاولة ساذجة لإحراج مصر، باستخدام خطاب سياسى مهجور من ستينيات القرن الماضى ولم يعد صالحا للاستعمال، بعد أن نجح فى توريط عبدالناصر فى نكسة يونيو 67، التى

مازلنا ندفع فواتيرها الفادحة حتى الآن.

مالم تدركه حماس أبدا، أن الانتصار على إسرائيل يتطلب قبل صناعة صواريخ محلية وإطلاقها على المستوطنات اليهودية، بناء نظام سياسى ديمقراطى فى كل من الضفة وغزة، ومع ذلك، فقد قدمت حماس نموذجا بشعا للفاشية الدينية التى تتخذ الانتخابات كتذكرة ذهاب بلا عودة لكراسى الحكم، كما قدمت نفسها رهينة لمافيا الإخوان المسلمين فى مصر، على حساب حرية وكرامة ملايين المصريين كانوا مستعدين لتقديم حياتهم فداء لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيونى، وأصبحوا الآن يدركون أن حماس باعتهم من أجل ارتباطاتها التنظيمية مع مافيا الإخوان!

إذا كانت قيادات حماس الآن تؤمن فعلا ــ كما تقول الأدبيات السياسية القديمة للحركة ــ بأن الصراع مع إسرائيل هو صراع وجود لا صراع حدود، لوقفت فى نفس الخندق مع قوى وطنية عربية تؤمن بأن تحرير فلسطين، لن يتحقق إلا بالانتصار الحضارى والعلمى على إسرائيل، وببناء مجتمعات عربية ديمقراطية حديثة، تحترم حقوق الإنسان وتحفظ كرامته وتصونه من الفقر والجهل والمرض.. لكن حماس اختارت أسلحة فاسدة لتحارب بها معركة خاطئة ستكون هى أول ضحاياها!

محمد عصمت كاتب صحفي