يتداول بعض الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعى صورة جميلة التقطها الفنان محمد يحيى لدير السيدة العذراء فى قرية (دير جبل الطير) بسمالوط فى محافظة المنيا وهى صورة تفيض بجمال يندر أن يتكرر، لكن أمورا كثيرة تعكر هذا الجمال وتحد من تأثيره فى نفوس أهالى القرية وليس بين زائريها الذين يقضون فيها عدة أيام أو بضع ساعات.
ومن بين تلك الأمور التى تسبب (العكننة) رسالة كتبها شاب يعيش فى نفس القرية ويبدو من صفحته التى أتابعها منذ مدة أنه يبذل بعض الجهد لتحسين أحوال القرية وتنظيم قوافل ثقافية وعروض أفلام فى أماكن مفتوحة. هذا الشاب اسمه شنودة عادل وكما يبدو لى مشرف على نشاط لمكتبة تسمى مكتبة الصخرة، أو ساعٍ لتأسيس كيان أو جمعية ثقافية هناك وكما لاحظت فقد صور تقارير مع محطات تلفزيونية تشير إلى أنه حول مكبا للنفايات إلى مكتبة وقاعة عرض مسرحى وسينمائى صغيرة.
نشر عادل رسالته على (فيس بوك) لكنها ظلت أقل حظا من صورة الدير ولم تجد من يتداولها على نطاق يسمح لمحافظ المنيا ببحث أسبابها أو يدفع معالى وزيرة التضامن بالنظر فيها كما لم تجد وزيرة الثقافة فرصة التحقيق فيما ورد فيها من معلومات جديرة بالتوقف أمامها ومحاسبة المسئولين عن قصور الثقافة فى المنيا بتهمة الإهمال والتقصير.
وسوف أسمح لنفسى بإعادة نشر رسالة الشاب الذى لا أعرفه، لثقتى بأن كلامه المكتوب بالعامية لم يصل لأى من المسئولين، فقد كتب (فى قريتى معندناش نت ارضى وشغالين بشحن باقات / وبالتالى مابنشوفش قصص رواد الاعمال ولا مسرحيات بيت الفن ولا أحدث فاعليات دار الاوبرا يا جدعان / الناس طالع عينها ف الشغل عشان لقمة العيش / محاجر وفلاحة وبقالين، وخبزنا كفافنا. عايز أقول لحضراتكم ومستعد أواجه أى حد يكذبنى ف البوقين اللى جايين دول وأحط صوابعى فى لامؤاخذة عنيه/ قصر ثقافة مركز سمالوط مجاش عمل أى فاعلية فى منطقة قرى شرق النيل، ومانعرفش ان كان القصر عامل ولا لسه بيشطبوه ويبلطوه /

كمان قصر ثقافة المحافظة طلبنا منهم يدعموا المكتبه بكتب باسم جمعية فى القرية بعتوا لنا كتب من المخزن لكتاب محدش يعرفهم غير امهاتهم ولما سجلنا المكتبة قانونيا طلبنا من قصر ثقافة المنيا يدعمونا بالكتب وبعد شخروميت شهر جم عاينوا مقر المكتبة، وكانوا عايزينا نهد الحيطان عشان الشكل يبقى معرفش إيه؟
وآدى وش الضيف، أتحدى أية جهة جات قدمت عروض فنية أو مسرحية فى القرى هنا إلا مرتين، جابهم بيشوى عادل مكرم (عرض حكى للكبار ومعسكر فنى للاطفال) نيجى بقى للناس اللى بتقول الكنايس بتعمل وتسوى! مالنا احنا بالمسرح الدينى والحواديت اللى فيها البطل حرامى وزانى وآخر المسرحية يتوب.
وبعدين الفنون والثقافة دور الدولة مش دور الكنايس والحضانات الاسلامية وجمعيات الشبان المسيحيين والمسلمين، ولا نسيبهم يعملوا فن دينى جوه الإوض والقاعات الخاصة ونرجع نقول بيقفلوا على اولادهم وبيحرضوا ورافضين المشاركة وقبول الاخر! بس كده).
انتهت رسالة شنودة عادل التى نشر قبلها بيوم واحد رسالة تضمنت معانى أكثر إيلاما تكشف عن غياب تام لخطط العدالة الثقافية أو مشروعات حياة كريمة التى أعرف أنها غيرت من أحوال الكثير من القرى.
والمؤكد كذلك أن رسالة (عادل) تلخص الحال فى معظم القرى المصرية التى تعانى الكثير من أشكال الحرمان، لكن هذه القرية بالذات تحتاج لمن يمد يده لنجدتها، بحكم ما تتمتع به من خصوصية حيث لا تنقطع عنها زيارات السائحين من داخل مصر وخارجها وبالتالى تحتاج لمعاملة مختلفة كما أن فيها شبابا حالما يمتلك من الوعى ما يجعله مؤمنا بقيمة العمل الثقافى التطوعى، فضلا عن رغبة الحد من نمو جميع أشكال التطرف.
وقبل عشرين عاما من الآن كانت جزويت المنيا تلعب أدوارا طليعية لتقديم الدعم الثقافى وتستضيف فرقة موسيقية ومسرحية ومدارس إبداعية تعمل على تأهيل شباب المحافظة ولا زال فى قلبى أثر من سهرة قضيتها هناك تابعت فيها أحد عروض فرقة الورشة المسرحية وأوبريت (أحياء مدارس) للفنان وجيه عزيز مع أبناء جمعية الصعيد ويعز فى نفسى الشعور بأن بعضا من هذه الانشطة لم يعد له وجود ومن ثم فإن رسالة عادل تمثل فرصة للتنمية لا يجوز إهدارها.