تصفية القضية الفلسطينية: دور الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية! - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 4:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصفية القضية الفلسطينية: دور الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية!

نشر فى : الأربعاء 16 يناير 2019 - 11:40 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 يناير 2019 - 11:40 م

نشر الموقع الفلسطينى «وكالة قدس نت للأنباء» مقالا للكاتب «لبيب قمحاوى» يتناول فيه التآمر العربى على القضية الفلسطينية بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل وحالة الانهيار والاستسلام التى وصلت إليها الدول العربية.
الحديث عن فلسطين لم يعد تكرارا لما نعرفه جميعا من ثوابت وحقوق وطنية بقدر ما أصبح تعبيرا عن القلق الكامن فى ثنايا ما لا نعرفه وما يتم التخطيط له من قِبَلِ الآخرين لتصفية القضية الفلسطينية وإغلاق مَلَفِها بشكل نهائى. والخطورة فى هذا السياق ليست محصورة فقط بما يخططه العدو سواء أكان إسرائيليا أم أمريكيا، بل بما يخططه القريب سواء أكان عربيا أو فلسطينيا . الجريمة التى نحن بصدد الحديث عنها وتحليل عواقبها تتعلق بالتآمر الداخلى العربى والفلسطينى على القضية الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع أمريكا وإسرائيل. فهذه الأنظمة وعلى الرغم من أي خلافات قد تكون فيما بينها، إلا أنها على ما يبدو متفقة ضمنا على إغلاق ملف القضية الفلسطينية، وتأهيل علاقاتها مع إسرائيل باعتبارها حليفا وصديقا وليس عدوا، دون مطالبتها بدفع أى ثمن للفلسطينيين مقابل ذلك. ويبدو أن الثمن الأهم الذى تسعى تلك الأنظمة للحصول عليه هو رضا إسرائيل عنها ودعمها لها فى سعيها للبقاء والاستمرار فيما هى عليه بغض النظر عن إرادة شعوبها، والحصول على الدعم الأمريكى لها فى ذلك المسعى . الحديث عن صفقة القرن ومؤامرة تصفية القضية الفلسطينية يجب ألا يُنظر إليه باعتباره تطورا جديدا خطيرا، فالمؤامرات على فلسطين والفلسطينيين والقضية الفلسطينية لم تتوقف منذ بدايات القرن العشرين. التطور الجديد والخطير هو الدور العربى والسلطوى الفلسطينى المُعْلَن والمتسارع فى التآمر على القضية الفلسطينية والذى اتخذ أشكالا ومسارات لم نعهدها من قبل .
إن معظم مفاصل صفقة القرن قد تم تنفيذها فعلا على أرض الواقع باستثناء الاعتراف العربى الرسمى والقبول الفلسطينى بنتائجها، وهذا هو مربط الفرس. المطلوب الآن أمريكيا وإسرائيليا هو القبول الفلسطينى العلنى والرسمى والاعتراف العربى بنتائج تلك الصفقة، أى إغلاق ملف القضية الفلسطينية، علما أنه فى غياب ذلك القبول فإن ملف القضية الفلسطينية سيبقى مفتوحا مهما فعل الأمريكيون والإسرائيليون .
ترافقت صفقة القرن مع الانهيار العربى والفلسطينى العام والذى أعقب سقوط الحكم فى معظم الدول العربية بيد أفراد وفئة من الحاكمين لا يُكِنُون أى اعتبار للعروبة أو أى احترام للقضايا العربية وأهمها قضية فلسطين. لقد امتازت تلك المجموعة من الحكام بسعيها الدؤوب للحصول على رضا ودعم أمريكا وإسرائيل، الأمر الذى جعل من السقوط العربى والفلسطينى فى براثن دولة الاحتلال الإسرائيلى قضية وقت .
***
من العبث محاولة إلقاء اللوم على الآخرين لأن ما نحن فيه من انهيار هو فى الأساس من صنع أيادينا، تماما كما كانت معظم الانتصارات الإسرائيلية فى واقعها هزيمة العرب لأنفسهم أكثر من كونها انتصارا إسرائيليا مطلقا. وهكذا فإن ما نحن مقدمون عليه من مزيد من الانهيار والسقوط والاستسلام هو محصلة للسلوك الأنانى الجائر لمعظم الأنظمة العربية تجاه شعوبها وآمالها فى التنمية الاقتصادية والسياسية وتحقيق الأمانى القومية والوطنية. تتلازم السياسة الأمريكية فى تواطؤها مع الصهيونية مع المؤشرات المتتابعة للانهيار فى الموقف الدولى تجاه القضية الفلسطينية والتى تتناسب بشكل طردى مع الانهيار والاستسلام الرسمى العربى والسلطوى الفلسطينى للضغوط القادمة من أمريكا وإسرائيل والتى تعكس موقفا أمريكيا عدائيا بشكل علنى وغير مجامل للحقوق العربية والفلسطينية .
الخطر الاستراتيجى على الأمة العربية من وجود الكيان الصهيونى على أرض فلسطين لم يعد واردا فى حسبان العديد من الأنظمة الحاكمة فى العالم العربى والتى أخذت تترجم المصالح الوطنية والقومية لشعوبها من منظور مصلحة النظام نفسه، خصوصا بعد أن تم استبدال حالة العداء لإسرائيل بالعداء لإيران وتم تصنيف إسرائيل بذلك كحليف استراتيجى يشارك تلك الأنظمة عداءها لإيران .
السقوط العلنى للعديد من الأنظمة العربية فى أحضان إسرائيل لا يعنى سقوط الشعوب العربية. إن فشل التطبيع مع إسرائيل عبر تجارب السلام فى كامب ديفيد ووادى عربة واتفاقات أوسلو يؤكد أن ما تسعى إليه الأنظمة قد ترفضه الشعوب بطريقتها الخاصة، وهذا لا يعنى عدم وجود مَنْ هُمْ على استعداد للتطبيع ولكنهم قلة القِلَة. وقد أثبتت السنون أن المقاطعة الشعبية العربية لإسرائيل والمستندة إلى أولوية الحق والإيمان العميق بخطر إسرائيل على مستقبل هذه الأمة يشكل بحد ذاته سَدا ضد انحراف الأنظمة والذى يجب أن لا يعنى بالضرورة انحراف الشعوب. الأمر المفجع حقيقة هو أن هذا التنازل العربى قد جاء مجانيا ولم تطالب الأنظمة العربية إسرائيل بأى شىء ولو حتى رفع الظلم عن عائلة فلسطينية واحدة أو إخراج سجين فلسطينى واحد من سجون الاحتلال! هذا هو السقوط والانهيار بعينه ولا يوجد أى تفسير آخر لذلك.
***
إن طبيعة الافكار الأمريكية المرتبطة بالتوصل إلى حلول تؤدى إلى إغلاق ملف القضية الفلسطينية أصبحت مرتبطة أيضا بتكريس حالة الانقسام الفلسطينى المزمن، وأصبح حل غزة أولا وأخيرا نتيجة مُتَوَقَعة لهذا الانقسام وما قد يتمخض عنه من أمر واقع يجعل من حل الدولة الفلسطينية فى ما يسمى «بقطاع غزة» حصرا، أمرا محتوما وخيارا وحيدا.
تتواتر الإشاعات والأحاديث والأقاويل أخيرا عن ارتباط صفقة القرن بما يجرى فى الأردن الآن وما يمر به من صعوبات على افتراض أن صفقة القرن تهدف إلى خلق وطن بديل للفلسطينيين فى الأردن. والواقع أن هذا الأمر يبدو بعيدا عن الصحة كون مفهوم الوطن البديل، إذا ما حصل، سيكون عاما ويرتبط بتوطين الفلسطينيين أينما كانوا فى الدول المضيفة لهم وليس إنشاء دولة فلسطينية فى وطن آخر، كون صفقة القرن لا تسعى إلى إعطاء الفلسطينيين حق إنشاء دولة أو حق العودة إلى وطنهم فلسطين، بقدر ما تسعى إلى توطينهم فى أماكن تواجدهم خارج فلسطين. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل لا توافق على إنشاء دولة فلسطينية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ناجرة أو على تحويل أى دولة عربية إلى دولة فلسطينية.
إن ما قد يكون أكثر خطورة فى آثاره قد يكون على أولئك الفلسطينيين المقيمين فى ما كان يدعى بالضفة الغربية ويتمثل ذلك فى احتمال قيام بعض القوى فى الأردن بالبحث عن فتاوى قانونية أو دستورية تهدف إلى إلغاء قرار فك الارتباط وما تمخض عنه باعتباره يتناقض والدستور الأردنى أو القانون الأردنى فى بعض جوانبه ويمهد الطريق بالتالى إلى إعادة الجنسية الأردنية لأولئك الفلسطينيين مما سيحولهم فى ظل قانون يهودية الدولة من مواطنين فلسطينيين على أرضهم إلى رعايا دولة أجنبية مقيمين على ما يُدعى بالنسبة لقانون يهودية الدولة «بأرض إسرائيل»، مما قد يسمح لدولة الاحتلال بطردهم فى المستقبل إلى الدولة التى يحملوا جنسيتها باعتبارهم مقيمين وليسوا مواطنين. مرة أخرى الخطر قد يأتى من داخلنا والمستفيد الوحيد هو العدو الإسرائيلى.
***
ان إخراج القضية الفلسطينية من قُمْقُم الانهيار والاستسلام العربى والتخاذل والتواطؤ السلطوى الفلسطينى قد أصبح أمرا حيويا ومصيريا لمستقبل هذه القضية والحفاظ على الحقوق العربية الفلسطينية. وهذا الأمر يستوجب حل السلطة الفلسطينية وارغام الاحتلال الإسرائيلى على ممارسة دوره البَشِعْ كقوة احتلال مُباشَرَة وعلنا وعدم السماح لذلك الاحتلال بالاختباء خلف واجهة السلطة الفلسطينية وتحت عنوان «الحكم الذاتى» الزائف والذى لم يتجاوز أبدا قطاع الخدمات والتجسس الأمنى لصالح الاحتلال تحت شعار زائف آخر وهو «التنسيق الأمنى».
النص الأصلى:

التعليقات