لا أعرف متى سيحين موعده وأخشى من الكلفة الباهظة التى سنتحملها حتى نصل إليه، غير أن اليوم الذى أصفه هنا قادم لا محالة.
يوما ما سيتصدر بعض المصريات والمصريين الفضاء العام، وسيعلنون على رءوس الأشهاد أن الظلم لم يعد له مكان بيننا وأن العدل هو المسئولية الكبرى للدولة والحرية هى الحق الأصيل للمواطن والمجتمع.
يوما ما سيقولون لنا إن العنف الرسمى والأهلى لن يخرجنا من الهاوية التى سقطنا بها، وإن غلبة مشاعر الكراهية والرغبة فى الانتقام وممارسة العقاب الجماعى بين أفراد الشعب الواحد لا تنتج غير الدماء والدمار والخراب، وأن الانتقال إلى الدولة العادلة والمجتمع الحر يستدعى قبل بناء الديمقراطية استعادة ثقافة التسامح والعيش المشترك والقبول الصادق لبعضنا البعض.
يوما ما ستنطق هذه المجموعة من المصريات والمصريين بالحق المتمثل فى ضرورة الانعتاق من السلطوية للنجاة بشىء من حاضرنا وكل مستقبلنا، وفى حتمية تجاوز الاستقطاب الذى يهوى ببلادنا بالاعتراف بجراحنا جميعا دون تمييز وبإدراك عدم قدرتنا على مواصلة الصراعات الصفرية بين حكم ومعارضة.
يوما ما سيخرجون على الناس بدفاع صريح عن الحق فى محاسبة المتورطين فى العنف الرسمى والأهلى لكى ننتصر لقيم العدل والحرية ونجبر الضرر عن الضحايا ونغلق ملفات الماضى والحاضر الأليمة، وسيجعلوننا أيضا نتسامى عن إغراق الوطن فى خرائط دماء وانتقام جديدة ويحولون بيننا وبين محاسبة الجلادين لكى لا نراكم مظالم إضافية.
يوما ما سيقف بعض المصريات والمصريين ليترحموا على شهداء الوطن من ضحايا الإرهاب وضحايا العنف الرسمى والأهلى، سيترحمون ويدعوننا للترحم عليهم جميعا دون تمييز، دون توظيف سياسى للدماء.
يوما ما سيعتذرون باسم المواطن والمجتمع والدولة ممن تعقبوا وهددوا وقمعوا وشوهوا انحطاطا وافتئاتا وعوقبوا. سيجبرون جماعيا الضرر عن ذويهم الذين عانوا دون ذنب اقترفوه. ثم يصنعون لنا الأمل فى مستقبل أفضل، فى دولة وطنية عادلة وفى مجتمع حر.
سيأتى هذا اليوم لا محالة.