خلال عدة أسابيع فعل البرادعى ما عجزت أحزاب المعارضة عن القيام به طوال 30 سنة.. فقد استطاع البرادعى بدون مقار وصحف وميزانيات ضخمة، أن يتواصل بخطاب سياسى بسيط مع ملايين الناخبين فى مصر، الذين أصبحوا يرونه الأمل الوحيد أو على الأقل ــ الكبير ــ لإصلاح أوضاعهم البائسة..

فى حين أصبحت الأحزاب فى نظرهم مجرد جمعيات ضغط!
لم يعد أمام أحزاب المعارضة ما تخسره سوى «أغلالها الذهبية» التى تربط بعض قياداتها بعلاقات البيزنس مع الحكومة، والتى تعوقها عن القيام بدورها، وتعرقلها عن مواجهة التدخلات الأمنية التى تشعل الصراعات بين زعمائها، ثم ضربهم ببعضهم البعض من أجل ضمان استمرار احتكار الحزب الوطنى للسلطة والثروة فى مصر.

وأتصور أنه حان الوقت لتتحرر الأحزاب من قبضة السلطة، وأن تسعى لإسقاط الديمقراطية المزيفة فى مصر.. وقد سألنى قيادى بأحد هذه الأحزاب عما يفعلونه إذا رفض الرئيس إجراء تعديلات دستورية على «التعديلات» السابقة، فنصحته فورا ــ رغم أن السلطة فى مصر فى أضعف حالاتها الآن ــ بإعلان تجميد نشاط أحزابهم طوال فترة الانتخابات وإغلاق مقارها،
ووقف إصدار صحفها، ليجبروا الحكومة على احترام الدستور وتداول السلطة،

خاصة بعد أن تكشفت خطة السلطة فى مصر لاحتواء «ثورة» البرادعى، من تسريبات أحد الصحفيين المحسوبين على النظام بإمكانية خوض البرادعى وعمرو موسى الانتخابات أمام الرئيس مبارك، للإيحاء بإمكانية إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة قريبا، فى نفس الوقت الذى أشارت فيه تسريبات أخرى إلى تفكير الرئيس مبارك فى تعيين نائب له، الأمر الذى كذبت مصداقيته وزارة الداخلية بقمعها الوحشى لمظاهرة شباب 6 أبريل الأسبوع الماضى.. وهو ما يؤكد أن السلطة فى مصر تريد شراء الوقت، حتى ينتهى الموعد الدستورى الذى يستطيع من خلاله البرادعى الترشيح على قائمة أحد الأحزاب!

وقد تستطيع المعارضة التكفير عن كل «سيئاتها» بوضع برنامج وطنى لإنقاذ البلد من الانهيار المتوقع، والاتفاق مع البرادعى على ترشيحه للرئاسة لتنفيذ هذا البرنامج.. ولكن فى المقابل ينبغى أن يكون البرادعى أكثر «عملية» ويتعاون مع الأحزاب لتحقيق أحلام ملايين المصريين فى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

mesmat@shorouknews.com