مبروك عليكي - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبروك عليكي

نشر فى : الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 10:55 م | آخر تحديث : الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 10:55 م

لم أحب يوما الرقص الشرقى، ولم يحدث أن شعرت بإثارة وأنا أشاهد أى راقصة فى الأفلام المصرية، باعتبار أن عدد الراقصات اللاتى رأيتهن فى الواقع لا تزيدن على المرتين، ولا أعتقد أن الرقص الشرقى قد خلق للإثارة لكنه تحول من خلال كاميرا السينما إلى حالة غريزية، حيث اشترط أن تكشف البدلة عن أجزاء مثيرة من جسد المرأة، والغريب أن أى مايوه بيكينى على الشواطئ مسموح به أن يكشف أكثر من أى بدلة رقص، لكن مصورى الأفلام المصرية كانوا يهتمون كثيرا بالتركيز على ما يعتقدون أنه مثير، خاصة أن الرقص الشرقى يمارس عادة فى الأماكن المغلقة، وليس مثل الرقص فى مهرجانات اللبرازيل الذى يمارس فى الشوارع وهو أكثر عريا لكنه ليس مثيرا للشهوة، وعيب الرقص الشرقى انه فردي، نسائى فقط، بما يعنى ان المرأة هى التى ترقص والأطراف الأخرى، خاصة الرجل، تقوم بالفرجة، مثل كرة القدم التى هوست الناس، اللاعبون هم الذين يلعبون والناس تتفرج، ممارسة رياضية من جانب واحد، والرقص الشرقى عملية استعراضية تقوم بها الراقصة وحدها، هذا يعكس ثقافة الشرق، ان صاحبها يمارسها وهو فى حالة استرخاء، وقد تمتعت الراقصات فى حياتنا الاجتماعية بمكانة عظيمة، ونجح المخرج حسن الامام فى كتابة التاريخ من خلال قصص أشهر الراقصات، وكثيرا ما يسألنى الشباب عن الراقصة الأفضل فى السينما المصرية، وغالبا ما تتباين الإجابات، فالراقصة الأمهر هى التى تتحكم فى تحريك عضلات جسدها كما تشاء، وربما لهذا السبب، فإن الراقصة تسعى إلى أكبر قدر من التعرى حتى نرى أصغر العضلات، وأيضا أكبرها وهى تهتز كما تريد صاحتها، وبهذا المنظور عليك أن تختار الأفضل، سوف يختار الناس بين الاسماء البارزة، وعلى رأسهم تحية كاريوكا التى كانت ثابتة غالبا فى مكانها، وكان أجمل ما فيها ابتسامتها، وقد اعتبرها عباس العقاد أفضل من رقصن فى مصر.
ليس هذا مقال عن الرقص الشرقى، ولا عن راقصة مهمة، ولكن مشاهدتى لفيلم شبه مجهول أكد لى من جديد أن نبوية مصطفى هى افضل راقصة عرفتها السينما المصرية، قد يبدو الاسم غريبا، اسم الفيلم هو «مبروك عليكى» أخرجه عبدالفتاح حسن 1947، ومن بطولة نور الهدى، ومحمد الكحلاوى، ومحمود المليجى، عام 1949وفى الفيلم قامت نبوية مصطفى بالتمثيل.
نعم نبوية مصطفى كانت واحدة من الراقصات اللاتى يكتفى المخرجون بالاستعانة بها للرقص فى الفيلم، ولا يهم أن تقوم بأى أداء تمثيلي، فرقصها وحده يكفي، ولذا من الصعب حصر عدد الأفلام التى ظهرت فيها، لكنها ترقص بمهارة لامثيل لها، مثل فيلم مثل «اوعى المحفظة» عام 1949، فقط ترقص بلا تمثيل، ولاكلام، كل شىء فى جسدها يرقص، يهتز بتوازن غريب دون أى تعرٍ، فهى بكامل ملابسها الطويلة ولكن حركة الجسم تؤكد أن صاحبته تتحكم فى جميع عضلاتها، وانها ليست فى حاجة إلى أن تثبت أى شىء آخر.
يبدو ذلك واضحا أيضا فى فيلم« مبروك عليكى»، الذى أعتقد أنها تألقت فيه سينمائيا اكثر من جميع الأعمال الاخرى، وهى تقوم بدور صاحبة فرقة استعراضية، فيها الغناء والرقص، وهى حازمة فى البحث عن زوجها الذى سرق أموالها وهرب، وتتمكن من انقاذ المطربة الأساس فى فرقتها من هذا الزوج النصاب، وقد رقصت نبوية فى الفيلم بما يؤكد ما كتبناه: بدلة الرقص أقرب إلى الفستان الطويل ولكنه عارى الكتفين، ومع ذلك فإن كل عضلات الجسم تتحرك، ما يجعلك تتأكد أنك لست فقط أمام راقصة بل هى امرأة تقدم استعراضا غرائبيا فى سيرك، ولا تملك سوى الدهشة انها فنانة بطريقتها، ومشكلتها أنك لا يمكن التأكد من ملامح وجهها.
مثل هذه الآراء التى أطرحها عليكم لا تأتى الا من مشاهدة الأعمال الفنية التى خرجت من المجهول وصار فى امكاننا أن نراها بحالة جيدة على اليوتيوب، فبالإضافة إلى التعرف على هذه السمة المهمة جدا فى تاريخ السينما فإننا سوف نكتشف أعمال المخرج عبدالفتاح حسن الأكثر نشاطا فى سينما الأربعينيات، وبالكاد لا يكاد يعرفه أحد أو يذكر أفلامه التى انطمس الكثير منها.

التعليقات