هؤلاء كانوا يعلموننا الديمقراطية!! - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 7:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هؤلاء كانوا يعلموننا الديمقراطية!!

نشر فى : الخميس 17 مارس 2022 - 9:10 م | آخر تحديث : الخميس 17 مارس 2022 - 9:10 م
الناظر إلى الحرب الروسية الأوكرانية يكتشف الكثير، فهناك من يدرسها من زاوية صراع الأحلاف، وهناك من يتعامل معها من منظور الأمن القومى، وآخرون يدرسونها من خلالها تجارة وحركة انتقال السلاح، وفريق يدرسها من زاوية أجناس المتحاربين وكيف أن المرتزقة قد دخلوا على خط الصراع، وآخرون يدرسونها من الزاوية الاقتصادية.
على أن واحدا من الدراسات المهمة لتلك الحرب، هو من يدرسها من زاوية حقوق الإنسان. المؤكد أن للحرب فظائع وانتهاكات صارمة تقع من جانب كل طرف عند استخدام الآلة العسكرية، حيث تحصد الأرواح البريئة فى أحيان كثيرة، ويبرر المتحاربون أعمالهم، بأن تلك الأفعال غير مقصودة، أو أن المقاتلين يتخذون المدنيين دروعا بشرية.
لكن أغرب ما فى دراسة الحرب من تلك الزاوية أن من صدعوا الآذان وأرادوا أن يعلموا الدنيا حقوق الإنسان، هم من أمعنوا فى انتهاكها، وهم يدعمون الجانب الأوكرانى. فحق الغير فى الحياة، وحرية الرأى والتعبير، ومواثيق الأمم المتحدة التى ساهمت تلك الدول فى وضعها، بل إنها زادت عليها بوضع الإضافات تلو الإضافات فوق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان (الإعلان العالمى والعهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) كلها تعرضت لأبشع الانتهاكات، من قبل المعلمين والأساتذة، الذين راحوا يدعمون المنظمات المختلفة، والجماعات التى كان بعضها يخرب البلدان وينال من استقرارها.
فهذا يرسل المبعوث الرسمى لفرض الضغوط على نظرائهم فى عديد الدول النامية، المعروفة بانتهاك حقوق الإنسان. وذاك يوقف المساعدات والمنح والقروض بسبب تلك الانتهاكات، وتلك تجعل برلمان بلادها كيانا وصيا على بلدان بعينها مردت بالفعل على انتهاك الحريات، وهذا يتبع طرقا ملتوية لإيصال مساعدات لجهات معينة لدعم جماعات تسعى لدعم حقوق العمال أو المرأة أو السجناء أو الناخبين أو الأقلية الدينية أو المذهبية أو أصحاب قومية بعينها أو الثقافة محددة، والتى تكون مضطهدة فى بلد ما.
كل ما سبق من سياسات وسلوكيات غربية تجاه الدول التى غالبا ما تنتهك فيها حقوق الإنسان، سقط فى أعين كل منصف يتابع رد فعل الغرب فى يوميات الحرب الروسية الأوكرانية.
فهذا يدعم وبشكل علنى ورسمى لاجئى أوكرانيا البيض دون غيرهم، ويقومون بأعمال فرز عرقى ولونى ودينى للفارين. فهم يعاملون بقسوة ليس فقط من هم ينتمون لجنسيات عربية أو أفريقية أو آسيوية، بل ويزيد على هؤلاء المنتمية أصولهم لتلك البلدان ولو حملوا الجنسية الأوكرانية.
بعض هؤلاء من مقدمى نشرات الأخبار، الذين ترتبط توجهاتهم بتوجيهات محطاتهم الفضائية، حيث يشير بعض من هؤلاء إلى غرابة الموقف الذى يعيشه، وكأنه يشاهد أحداث فى دول غير أوروبية أو غير متحضرة، دول تنتمى للمنطقة العربية العرب أو بلاد آسيا أو أفريقيا. آخرون أوقفوا بث المحطات الروسية على أقمارهم الاصطناعية، ومنعوا وجهة النظر الأخرى أن تقول كلماتها.
فى مواكبة كل ذلك هناك آخرون زرفوا الدموع على التخريب ونزوح الناس من بيوتهم وخروجهم من أوطانهم، وهدم كنائسهم، وترك ممتلكاتهم. وقد قدمت بعض تلك الدول مليارات الدولارات بموافقة برلماناتهم لإنقاذ الفارين من الحرب، وهم أنفسهم من كانوا بالأمس لم يعيروا بالا باللاجئين الفلسطينيين أو السوريين أو الأفغان أو غيرهم، أو بتدمير المساجد والكنائس العربية، بل إنهم راحوا يدعمون بكل قوة الصهيونى مرتكب المجازر، والقائم بأعمال الطرد واستغلال الثروات وتدنيس المقدسات. بل إنهم فى دولة كالعراق نهبوا التراث والممتلكات بأنفسهم، بعد أن خططوا زورا لمقولة السلاح النووى العراقى.
فوق ذلك كان هناك ثلة العقوبات التى نالت من الأبرياء حول العالم الروس وغير الروس، فارتفعت الأسعار، ومنع الناس من الحصول على الغذاء بذات الطرق قبل اندلاع الحرب.
إضافة إلى كل ذلك انتهك الغرب قرارات الأمم المتحدة، فراح يرفض حق تقرير المصير الذى أقرته الأمم المتحدة للفلسطينيين فى مواجهة مشروعه الاستعمارى (إسرائيل) وشعب كشمير فى مواجهة الهند.. إلخ، كما نكث الوعود ونكث ما وعد به روسيا عند تفكك الاتحاد السوقيتى، بعدم تمدد حلف الناتو على حدود روسيا الغربية. كما ضرب قواعد العولمة فى مقتل بأن حجب عن روسيا المشاركة فى المسابقات الرياضية والبطولات الدولية، ناهيك عن قيود الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعى.
كل السياسات السابقة تحتاج إلى مواجهة حقيقية من قبل من تعرضوا لدروس فى الديمقراطية، ليس بغرض بقاء انتهاكات حقوق الإنسان فى تلك الدول، فهذا ما يرفضه العقل والمنطق كلية، بل لإحراج هؤلاء القائمين على تلك الأعمال ذات الكيل المزدوج. هذا الدور يجب أن تقوم به كل دولة معنية على حدة، وكل المنظمات الدولية الإقليمية التى تنتمى للدول التى تعرضت لتلك السياسات.
عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات