لكى يصبح عقد الزواج صحيحا لابد من توافر شروط معينة منها أن يكون عقد زواج «لازم» بمعنى ألا يصبح لأى شخص الحق فى فسخه بعد إتمام الزواج.
وشروط لزوم العقد أن يكون الزوج كُفئا لزوجته ومعنى الكفاءة هنا: النسب والمهنة ودرجة التدين. فلو كان الزوج ليس فى مستوى الزوجة اجتماعيا مثلا أو ولى المرأة رأى وأثبت أن مهنته لا تليق بها يصبح له (الولى) الحق فى فسخ العقد أمام المحكمة.
ويُعتبر أبو حنيفة هو الوحيد من الأئمة الأربعة الذى أفتى بإمكانية تزويج المرأة من غير ولى. ولكنه أتى أيضا بحكم آخر حيث قرر لها هذا الحق ولكن فى حالة عدم الكفاءة بينها وبين زوجها، من حق وليها الاعتراض على الزواج وطلب فسخه بعلة أن الكفاءة ينبنى عليها السعادة الزوجية واستقرارها.
ويوجد شرط ثانٍ للزوم العقد: أن يكون المهر الذى يُدفع للمرأة مساويا لمهر المثل بمعنى المهر الذى عادة يُدفع للذى فى مثل منزلة المرأة من النساء.
ولكن يوجد استثناءان لهذين الشرطين: لو كانت الزوجة حاملاً ليس لأى شخص الحق فى فسخ العقد لأن مصلحة الطفل ستكون فى حضانته وتربيته وسط والديه وهذا أهم من أى اعتبار آخر.
يوجد لدى تحفظ على هذا الاستثناء لأن الفقه والقانون جعل من حق الولى طلب فسخ العقد من المحكمة إما قبل الدخول على الزوجة أو بعد الدخول، ووفقا لكتاب «الزواج فى الفقه الإسلامى والقانون المصرى» لد. عبد العزيز سمك، ففى حالة الفسخ بعد الدخول يترتب أثر هام من آثار الزواج وهو إثبات النسب للولد. معنى ذلك أن الولى يمكنه الاعتراض على العقد بعد أن تضع الزوجة حملها مما يعنى أيضا أنه يكون له هذا الحق فى أى وقت من الزواج متى تبين له عدم الكفاءة. فكيف يستقيم ذلك مع مصلحة الطفل الفضلى؟
والاستثناء الثانى فى حالة مهر المثل أنه فى حالة موافقة الزوج على زيادة المهر ليكون مساويا لمهر المثل ليس من حق أحد الاعتراض على الزواج أو طلب فسخ العقد.
موضوع الكفاءة ذكرنى بقصة الشيخ على يوسف الذى كتب عنه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين فى كتابه «أيام لها تاريخ» وتدور القصة كالآتى: عندما استطاع الشيخ والصحفى المرموق على يوسف ذو الأصول الفقيرة التدرج بجهده ليصبح من أشهر رجال المجتمع، وأراد فى سنة 1904 الزواج من صفية السادات ذات الحسب والنسب، ماطل والدها فى الموافقة على الزواج أربع سنوات، مما أرغم الشيخ على وصفية على الزواج بدون موافقة الوالد، فرفع الأخير دعوى أمام المحكمة الشرعية يطالب بفسخ العقد على أساس أنه ليس عقدا «لازما» لعدم وجود كفاءة بين الزوجين حيث نسب الشيخ على أقل من نسب السادات ولمهنته فى الصحافة الذى وصمها السادات أنها من أحقر المهن، ومحاميه وصفها بأنها مهنة الجاسوسية وكشف الأسرار وبث الشائعات.
كان القاضى هو الشيخ أبو خطوة المعروف بتزمته الشديد حيث قام بإرسال شهود لبيت الشيخ على ليتأكدوا من مستواه الاجتماعى وما إذا كان فى مثل مستوى بيت السادات. وبعد جلسات مرافعة وسماع شهود عن أصل الشيخ على يوسف ومهنته ودفاعه عن نفسه من خلال مقالاته فى جريدته «المؤيد»: حكم القاضى بالتفريق بين الزوجين وقال جملة شهيرة عن أصل الشيخ على: «إن فقره فى بدئه وإن كان قد زال عنه الآن باكتساب الغنى إلا أن عاره لا يزول». والشىء المذهل أنه بعد تأييد الحكم فى الاستئناف رجع السادات فى قراره ووافق على زواج ابنته بعقد جديد من الشيخ على وتم زواجهما بالفعل مرة ثانية.
والمذهل أيضا أن هذه الدعوى كانت وطأتها شديدة على الشيخ على الذى ظل يسعى لتسجيل نفسه بين الأشراف لاعتقاده أن ذلك سوف يؤصل مكانته الاجتماعية. واللافت أنه بالرغم من محاولاته تلك إلا أن علاقته بزوجته تدهورت حتى مماته.
وما زالت أحكام الزواج غير اللازم تُطبق فى المحاكم المصرية.