جلود الأضاحى وصناعة الجلود - صفوت قابل - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 12:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جلود الأضاحى وصناعة الجلود

نشر فى : السبت 17 أغسطس 2019 - 10:05 م | آخر تحديث : السبت 17 أغسطس 2019 - 10:05 م

مع كل عيد أضحى كانت كل الأحياء تشهد السيارات التى تسير وتنادى لشراء جلود الأضاحى، وكذلك كانت بعض الجمعيات الخيرية تعلن عن تجميع الجلود، وكانت أسعار هذه الجلود تصل لمئات الجنيهات، وبالطبع كان كل ما يتجمع من هذه الجلود يذهب للمدابغ ثم إلى ورش المصنوعات الجلدية، وهو ما يعنى أن هناك صناعة للجلود تبدأ من تجميع الجلود ثم المدابغ ثم المصانع والورش الصغيرة التى تقوم بتصنيع المصنوعات الجلدية بكافة أشكالها، وهذه الصناعة غالبيتها من الورش الصغيرة التى تعتمد على الأيدى العاملة فى التصنيع مما يستوعب أعدادا ليست بالقليلة من الأيدى العاملة مما يخفض من حجم البطالة.
وبدلا من ازدهار هذه الصناعة وخاصة مع اتجاه الحكومة لإنشاء مدينة الجلود بالروبيكى، وجدنا العكس، ففى عيد الأضحى الحالى لم يجد من يضحى من يطلب الجلود وانهارت أسعارها، وبدلا من أن تعمل الأجهزة المسئولة على مواجهة هذه المشكلة، زادت الحكومة المشكلة تعقيدا من خلال تعليمات للجمعيات الخيرية التى تقوم بذبح الأضاحى وتوزيعها على الفقراء بمنع إعطاء الجلود للجمعيات التى تقوم بتجميع هذه الجلود، وأصدر محافظ الجيزة قرارا بأن يدفع من يرغب فى تجميع هذه الجلود مبلغ ألف جنيه للمحافظة، ولم يعلم أن أسعار الجلود أصبحت عدة جنيهات لجلد البقر، فكيف يدفع من يريد تجميع الجلود ألف جنيه؟
فماذا يفعل مئات الآلاف الذين يقومون بذبح الأضاحى بما لديهم من جلود؟ التصرف الأسهل بالطبع هو إلقاء كل هذا الكم الكبير من الجلود على جوانب الطرق، مما أدى إلى كارثة بيئية تتمثل فى انتشار الروائح الكريهة نتيجة تعفن هذه الجلود وانتشار الزواحف والحشرات.
قد يسأل سائل وماذا فعلت الحكومة لمواجهة هذه الكارثة البيئية؟ بالطبع لن تفعل شيئا وسيتعود سكان هذه المناطق على هذه الروائح حتى تتحلل مثلما يتحلل الكثير فى حياتنا
***
ولكن دعونا نحاول البحث عن أسباب عدم الطلب على جلود الأضاحى، والتى كانت المدابغ تنتظر فترة العيد لتحصل على احتياجاتها من الجلود، هناك عدة تفسيرات لذلك، لأنه لم تقم أية جهة بحثية أو حكومية بدراسة هذه المشكلة، من هذه التفسيرات:
1ــ أنه يتم استيراد جلود صينية بأسعار رخيصة، وهذا تفسير غير مقنع لأن الجلود المحلية قد انهارت أسعارها وقد تكون قد أصبحت أقل سعرا، ولكن هناك اتجاها بين الصناع الكبار لاستيراد الجلود الخام ودباغته فى الروبيكى ولكن فى 2020 كما صرح عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات
2ــ هل السبب فى عدم شراء جلود الأضاحى أنه كان جزء منها يتم تصديره، فلما قامت وزارة الصناعة باستمرار العمل برسم الصادر المفروض على الجلود لمدة عام اعتبارا من 2 مايو 2019، حيث نص القرار على قيمة الرسم لكل جلدة يتم تصديرها بواقع 250 جنيها على الجلد البقرى والجاموسى، و150 جنيها على الجلد اللبانى، و15 جنيها على الجلد الضانى، و150 جنيها على الجلد الجملى، فهل أدى ذلك إلى عدم جدوى التصدير فتوقف الطلب على جلود الأضاحى؟
3ــ قد يكون السبب الرئيسى لعدم الطلب على جلود الأضاحى، أن المدابغ الصغيرة كانت هى المستخدم الأساسى لهذه الجلود لتعيد بيعها بعد الدباغة للورش الصغيرة التى تصنع الأحذية والشنط، وبعد قرار الحكومة بنقل المدابغ إلى منطقة الروبيكى، تم إغلاق الكثير من هذه المدابغ فى سور مجرى العيون، وهناك مشاكل فى إعداد مدينة الجلود بالروبيكى مما جعل رئيس الوزراء يعطى الشركات مهلة ثلاثة شهور للانتهاء من أعمال البنية الأساسية، وكان هذا فى زيارة لمدينة الروبيكى فى يناير 2019، فهل حدث تقدم فى أعمال الشركات؟ وماذا فعلت الحكومة لحل مشاكل الانتقال من سور مجرى العيون للروبيكى؟ وهو ما انعكس على تدهور أوضاع هذه الصناعة
***
مما سبق نجد أن المشكلة الظاهرة هى عدم الطلب على جلود الأضاحى مما أدى إلى إلقاء هذه الجلود على جوانب الطرق مما خلق مشكلة بيئية، ولكن المشكلة الأكبر والأهم هى تدهور صناعة الجلود، فى الوقت الذى يتغنى فيه المسئولون بإنشاء مدينة عالمية للجلود على أرض مصر، وبغض النظر عن المسئول عن هذا التدهور فى كل هذه المراحل، فمن يملك السلطة لحل هذه المشكلات والتطوير الحقيقى لهذه الصناعة بدلا من إطلاق شعارات المدن العالمية؟
وهناك فى هذا المجال ثلاث من الظواهر التى تحتاج الدراسة والتطوير وهى:
أولا: زيادة الطلب على الأضاحى وبالتالى لا بد من مكان فى كل حى تتجمع فيه هذه الأضاحى ليتعاقد على شرائها من يريد، بدلا من وضع هذه الأضاحى على الأرصفة مما يخلق المزيد من القذارة، وأيضا تحديد مكان للذبح بدلا من التهديد الذى لا ينفذ بفرض غرامات على من يذبح فى الطريق، وحتى لا تتحول الشوارع فى هذه الأيام إلى برك من الدماء
ثانيا: استحدثت وزارة الأوقاف وبعض الجمعيات الخيرية ما يسمى صكوك الأضحية، والمطلوب الشفافية فى إعلان حجم ما تم جمعه وكيف توزعت الأضاحى وأن يكون هناك مجال لمن تعامل معهم ليقول تجربته وهل هناك سلبيات أم لا؟
ثالثا: كذلك قامت بعض الجهات الحكومية باستيراد مواشٍ للذبح وبيعها مما يحقق أرباحا لهذه الجهات، ولكن أثر ذلك على تربية المواشى لدى المزارعين، مما يتطلب دراسة توازن بين توفير اللحوم للمستهلكين وتشجيع الفلاحين على تسمين العجول، فما هى هذه الجهة التى تقوم بذلك غير الحكومة؟
ندعو الله أن نستقبل العام الجديد وكل أملنا عدم زيادة المشكلات، فما لدينا يكفينا ويزيد.
أستاذ الاقتصاد ــ عميد تجارة السادات سابقا

صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد تجارة المنوفية السابق
التعليقات