إفطار صائم.. أم عمل لعاطل؟ - صفوت قابل - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 12:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إفطار صائم.. أم عمل لعاطل؟

نشر فى : السبت 23 مارس 2024 - 8:35 م | آخر تحديث : السبت 23 مارس 2024 - 8:35 م
مع كل رمضان يتجدد الحديث عن كمية الإعلانات التى تدعو للتبرع سواء لإنشاء المستشفيات أو إفطار الصائمين، ومع تزايد الإعلانات وتعدد الجهات التى تطلب التبرع، إلا أن الشفافية مفقودة فى الإعلان عن حجم التبرعات ومعرفة ماذا يحدث لهذه الأموال وحجم ما يذهب فعليا للأشخاص المحتاجين.
ومن أوجه الإنفاق الكبيرة فى هذا الشهر ما يخص إفطار الصائمين، إذ تتبارى الجمعيات فى الإعلان عن عدد من تقوم بإفطارهم يوميا، فهناك جمعية تقول إنها تقوم بإفطار مليون شخص يوميا، وهذا العام أعلن صندوق تحيا مصر أنه سيقوم بتوزيع المواد الغذائية إلى نحو 2 مليون عائلة، هذا بخلاف العديد من الأحزاب التى تتبارى فى الإعلان عن الأعداد الكبيرة التى تقوم بتوزيعها، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية الصغيرة والأفراد الذين يقومون بإفطار الصائم، وهكذا نجد أن هناك مئات الملايين من الجنيهات يتم صرفها على إفطار الصائمين. وهناك من يقدر تبرعات الشعب المصرى السنوية بأكثر من خمسة مليارات من الجنيهات، وواضح أن هذا رقم كبير من التبرعات، وبالطبع فإن من يقوم بالتبرع يبتغى الثواب من الله، كما أن هذه التبرعات تعد من مصادر العمل الخيرى فى كل المجتمعات، ولكن يختلف مجتمع عن آخر فى المجالات التى توجه لها هذه التبرعات مما يساهم فى تطوير المجتمع ومن أكثر أوجه الإنفاق فى الخارج توجيه التبرعات للجامعات ودور التعليم المختلفة مما يؤدى إلى تحسين جودة التعليم وإتاحة التعليم الجيد لغير القادرين والقادرات، وهو ما نفتقده فى مصر.
نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها المجتمع وتزايد البطالة، فلماذا لا ندعو إلى توجيه جزء من هذه التبرعات للمساهمة فى تشغيل بعض العاطلين؟ فمن الأفضل توفير فرصة عمل دائمة بدلا من توفير الطعام لأيام معدودات، وكل ما نحتاجه لذلك هو توافر الإرادة والرغبة لمراكز البحوث والجمعيات الأهلية لأن تضع دراسة جدوى لإنشاء مصنع أو تشغيل أحد مصانع القطاع العام التى توقفت عن العمل وبدلا من تصفيتها يمكن لمجموعة العمل المقترحة أن تستثمر جزءا من التبرعات فى إعادة هيكلة هذا المصنع مما يؤدى إلى تشغيل أعداد ليست بالقليلة من العاطلين، وبدلا من الإنفاق على مأكلهم يكون لديهم القدرة على الإنفاق على أنفسهم مما يساهم فى تدوير عجلة الإنتاج لصناعات أخرى.
إن أعمال البر لا تقتصر على التصدق للفقراء بالمأكل والملبس، ولكن التجارة التى لن تبور مع الله أن نعمل على تشغيل العاطلين وتوفير الحياة الكريمة لهم من خلال عملهم وليس من خلال الصدقات، وحتى نقضى على المظاهر السلبية من تزايد الذين يأخذون التسول حرفة.
لماذا لا نجرب إحياء العمل التعاونى لإنقاذ بعض الشركات التى يمكن تشغيلها بكفاءة وتساهم فى تشغيل العاطلين وزيادة حجم المنتجات فى الأسواق، ولكن المشكلة تكمن فى أن الحكومة تنظر بريبة إلى أشكال العمل التطوعى، وأمام هذه المعضلة لا يجد المتبرعون مجالا للمساعدة إلا فى التبرع لكرتونة رمضان والتبرع لبناء المستشفيات وعلاج المرضى، بينما لا يمكن مواجهة الفقر إلا بالمصانع التى تشغل الفقراء.
صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد تجارة المنوفية السابق
التعليقات