لأننى أؤمن عن يقين أن القاعدة بريئة تماما من أحداث 11 سبتمبر 2001.. فقد أدهشنى هجوم الدكتور أيمن الظواهرى، الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة، على الدكتور محمد البرادعى، حيث وصفه بأنه «صنيعة أمريكية»، وأنه «شوكة أمريكية فى ظهر النظام المصرى» سوف تستخدمها المخابرات الأمريكية عند رغبتها فى التخلص من نظام الرئيس مبارك وولده جمال.
كان سر دهشتى هو «مصدر المعلومات الغامض» الذى يستقى منه الظواهرى كلامه الخطير.. فمثل هذه الاتهامات بالعمالة والخيانة لابد أن يدعمها دليل واضح، ومن غير المقبول أن يطعن شيخ ورع مثل الظواهرى رجلا بقامة البرادعى فى شرفه ويتهمه بالعمالة والخيانة بناء ــ فقط ــ على تحليلات سياسية قد تصيب وقد تخطئ.. كما أننا إذا قبلنا تحليلات الظواهرى، فإن عليه هو بالضرورة أن يتقبل تحليلات عديدة تؤكد أن القاعدة هى أحد مكاتب السى.آى.إيه التى أنشأتها لمحاربة الغزو السوفييتى لأفغانستان.. وأن أسامة بن لادن ينفذ تعليمات المخابرات الأمريكية.. وانه لولا ادعاء القاعدة الكاذب بأنها هى التى خططت ونظمت ودبرت ومولت ثم نفذت هجمات 11 سبتمبر، لما أمكن لبوش أن يحتل العراق، وأن يعربد فى العالم العربى كله.. ولما أصيبت القضية الفلسطينية بهذه النكسة.. وهى اتهامات لها وجاهتها، خاصة أنه كان من الافضل أن تنكر القاعدة صلتها بهذه الهجمات لتنفذ هجمات أخرى على أمريكا أو على إسرائيل مثلا، أو أن يكون لهذه الهجمات عائد سياسى يزيد من قوة القاعدة لا أن يجعلها فى هذه الحالة من الضعف.
مشكلة الظواهرى أنه يعتقد أنه يمتلك الحقيقة كاملة وأن لديه تفويضا إلهيا بالحكم على الناس بالكفر أو الإيمان، أو على الأقل بوضع المخالفين له فى الرأى فى معسكر أعداء الله وأعداء الإسلام.. أما مشكلة البرادعى فإنه يخاطب نظاما اعتاد على التزوير وعلى شعب عاش أكثر من 90% من أفراده فى انتخابات مزورة أفرزت زعماء مشكوكا فى شرعية حكمهم، ومع ذلك فقد اعتادوا أن «يفدوهم بالروح والدم» فى هتافات يرددونها، بلا أى خجل أجيال، وراء أجيال..
أما الخلاف الأكبر بين الرجلين.. فهو أن الظواهرى يريد ان يمتطى حصانه الأبيض وسط جيشه الإسلامى ليفتح مصر ويقيم من قصر عابدين الخلافة الإسلامية فى مصر بعد معارك ضد معسكر الكفر والطغيان.. فى حين يقول البرادعى إنه يريد هدم النظام بطريقة سلمية لا عنيفة، وأن نزول أنصاره الشارع سيكون الخطوة الأولى والأخيرة، مشيرا فى نفس الوقت إلى ما سماه بـ«الخروج الآمن» لرموز النظام وانه لو وصل للسلطة لن يحاكم أحدا منهم، ولن يحمل أحدهم مسئولية أخطاء الماضى وأن الجميع سيعيش بكرامة.. وهو بالطبع عكس ما سيفعله الظواهرى بمجرد دخوله عابدين!