وضع الرئيس محمد مرسى نفسه فى مأزق صعب خلال خطبته أمس الأول فى استاد القاهرة، بإعلانه قطع العلاقات مع سوريا، وبدعوته لفتح باب الجهاد ضد نظام الأسد، حيث أثارت دعوته هذه موجة تعليقات غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعى، مطالبة الرئيس بأن يبدأ بإرسال نجليه الكبيرين للجهاد فى سوريا، وألا يكتفى فقط بتحريض أولاد المسلمين الآخرين، على التضحية بحياتهم فداء لحرية سوريا!
أما السياسيون والخبراء فقد رأوا فى دعوة مرسى توريطا لمصر فى الحرب المذهبية بين الشيعة والسنة، التى يجرى الإعداد لها منذ عدة سنوات بإشراف امريكى ــ إسرائيلى مشترك، بهدف تفتيت المنطقة إلى دويلات متصارعة، وإحكام الحصار على إيران، وتحجيم برنامجها النووى الذى يحرز تقدما يثير قلقا بالغا للكثير من دول المنطقة وفى مقدمتها إسرائيل. كما يرى الكثيرون أيضا أن دعوة الرئيس للجهاد فى سوريا تزامنت مع دعوات تنتشر فى دوائر صنع القرار فى واشنطن بضرورة الإسراع فى تسليح الجيش السورى الحر المعارض لنظام الأسد، وهو ما يشى إما بوجود تنسيق إخوانى ــ امريكى فى الملف السورى، أو ان يكون الرئيس ينفذ توجيهات الإخوان بدعم السياسات الأمريكية فى سوريا، مقابل الحصول على دعم واشنطن لاستمرار بقائهم فى السلطة فى مصر، خاصة ان موقف الرئيس تبدل فجأة من الدعوة لحل الأزمة السورية عبر الطرق السلمية، وتخليص سوريا من نظامها الفاشى بدون إراقة المزيد من الدماء، إلى إعلان الجهاد على نظام الأسد بالمزيد من الدماء!
بالطبع كان خطاب الرئيس فى الاستاد موجها فى الأساس إلى حركة تمرد، وإلى تخويف ملايين الساخطين على حكم الإخوان من المشاركة فى مظاهرات 30 يونيو، إلا أن ما حدث فى الفيوم أمس الأول أسقط تماما كل حسابات الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين وكل من يؤيدهم، بعد أن كشفت الاشتباكات الدامية التى شهدتها المحافظة بين أعضاء حركة تمرد وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين، عن أن هؤلاء الساخطين على الإخوان ماضون فى طريقهم، وان الحشود التى شهدها استاد القاهرة لن تمنعهم عن المطالبة بتنحى الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ومع انشغال الرئيس بما يحدث فى سوريا، فاته أن ما شهدته الفيوم كان بروفة نهائية لحرب أهلية تدق بعنف على ابوابنا، بعد ان اشتعلت مواجهات بسيطة بين عناصر من الاخوان وعناصر من حركة تمرد، إلى هجوم شنه مواطنون عاديون على مقار للإخوان المسلمين، اسفر عن إصابة عدة مئات بحسب شهود عيان، كما فات الرئيس فى خطابه أن يوم 30 يونيو قد يشهد الإعلان الفعلى عن هذه الحرب التى سيمتد لهبها إلى جميع محافظات مصر بلا استثناء.
الكرة الآن فى ملعب الرئيس الذى يقع على عاتقه دستوريا، نزع فتيل هذه الانفجارات المتوقعة بتنفيذه حزمة اصلاحات سياسية بدون أى تأخير، والتى يأتى فى مقدمتها تنحيه هو شخصيا عن الرئاسة، قبل أن يفاجأ بأن السيناريو السورى سيتكرر بحذافيره فى مصر قبل نهاية ولايته الرئاسية، إذا استمرت!