هناك سمة غريبة فيما يسمى المخرجون أصحاب المستوى الثالث فى السينما المصرية، هؤلاء الذين يمتلكون مواهب لا ترتقى إلى المستويات العليا، بسبب طموحاتهم فإنهم لم يقدموا أبدا أفلاما تصل إلى مستوى الجودة حتى لو كان بعضهم قد اشتهر بكثرة أعمالهم كمخرجين، ومن هؤلاء على سبيل المثال حسن الصيفى وأحمد السبعاوى وحسين صدقى وأيضا عيسى كرامة حيث نجد أحيانا فيلما واحدا فقط قد أفلت من دائرة السطحية وأثار الجدل فى وقت من الأوقات وهذا أمر يهمنا الرجوع إليه فهناك فيلم باسم «فى سبيل الحب» إنتاج 1955، كتب السيناريو وأخرجه عيسى كرامة وهو مخرج أفلام إسماعيل يس فى مستشفى المجانين ولوكاندة المفاجآت، والفيلم الذى نتحدث عنه ينتمى إلى السينما الركيكة وأعتقد أن تفرده يبدو من خلال قصته فلا وجود لموضوعه فى أى فيلم مصرى، هو فيلم عن الريف والحب لكن السرد الذى تتبعه يبدو بالغ الغرابة رغم أن عناصر الحكاية موجود بالتقريب فى السينما الريفية أو فى السينما الريفية جرائم الثأر وحب والتضحية ولكنها أمور تتحرك على الشاشة بعيدة عن التصديق للوهلة الأولى.
القصة تبدأ من خلال رجل يدعى أبو سنبل ذهب إلى «الداية» وطلب منها أن تأتى لتوليد زوجته إلا أن المرأة رفضت الذهاب معه إلا إذا اعطاها أجرها كاملا وتركته لتذهب لتوليد زوج أختها، ووقف أبو سنبل مع زوجته حتى ولدت ابنا وبعد الولادة ذهب وقتل القابلة وبعد قليل تم القبض عليه وهو لا يعرف أن ابنه الوليد والفتاة فاطمة أبو علوان «ماجدة» التى ولدت على الطرف الآخر سوف يسيران عاشقين متفانيين وأن القسم الثانى من الحكاية سوف يكون القدر هو اللاعب فى صياغة المسار من هذه القصة، فبعد سنوات المؤبد فإن القاتل يخرج من السجن دون أن يعرف ابنه حقيقته بعد أن اتخذه رجل آخر ابنا له، الحبكة هنا أن والد الفتاة لا يريد من عريس ابنته مهرا كبيرا ولكنه فقط يريد منه أن يقتل السجين الخارج انتقاما لما فعله قبل عشرين عاما، ويوافق العاشق على الطلب ويقوم بالفعل بطعن أبيه ويفوز بعروسته، إلا أن الحقيقة تنكشف أمام الجميع وسرعان ما يذهب حسن مجاهد «يحيى شاهين» العاشق القاتل إلى المستشفى لينقذ حياة أبيه بالتبرع له بالدم لكن الفيلم لا يحل مشكلة الثأر بل عالج أزمة الزواج بين الحبيبين، هى قصة واقعية كما رأيناها ولكنها مغلفة بقوانين التأليف والمصادفة والانتصار بلا جدوى لخروج القاتل من السجن والانتقام منه، لا أعتقد أن القارئ شهد مثل هذه القصة يوما فى أفلامنا خالص ولا قرأ مثلها فى روايتنا رغم كثرة الإبداع الريفى طوال القرن العشرين، هو موضوع مصرى خاص بالثأر ولكنه مرسوم مثل تحريك قطع الشطرنج، فالشاب العاشق حسن مجاهد، الذى لا يعرف اسم أبيه الحقيقى أبو سنبل، مستعد أن يفعل أى شىء فى سبيل الحب وامتلاك حبيبته وهو لا يعرف جذور القصة لأن حبيبته فاطمة هى ابنة القتيلة «الداية»، الشىء الوحيد المتشابه فى نهاية السينما المصرية هو أن الحبيبين قد فاز كل منهما بالآخر أو كما يقول عنوان الفيلم فى سبيل الحب.
الفيلم يثير الارتباك لدى المتفرج العادى بالنسبة للأسماء المركبة للابطال سواء أبو سنبل أو إبراهيم أبو علوان والد فاطمة، قد تبدو هذه الأسماء سهلة المنطوق بالنسبة لأبناء الريف لكنها صعبة النطق على المتفرج فى المدينة وأنا واحد منهم، ولذا بدت أشياء كثيرة فى الفيلم شبه نشاز.