على أمل الحصول على عشرات المقاعد فى البرلمان القادم.. يواصل قطاع كبير من فلول الحزب الوطنى المنحل، مسيرة «النضال والعطاء لسرقة ثورة 25 يناير، لدرجة أن بعضهم واتته الجرأة والسخافة ليهدد بانفصال الصعيد إذا صدر قانون بعزلهم سياسيا، فى سابقة هى الأولى من نوعها منذ زمن مينا موحد القطرين!
هذه النوعية من الفلول، التى تذوب عشقا وحنينا لزمن مبارك، وأصبح لها من الأحزاب عشرة قابلة للزيادة.. لا تخوض معاركها ضد الثورة وحدها.. فبجانبها نوعية أخرى من الفلول أكثر دهاء وحنكة، يواصلون عملهم كطابور خامس فى تشويه صورة الثورة، وتصيد اخطاء ثوارها، وتبرير أخطاء الحكومة والمجلس العسكرى ليعدوا المسرح لعودة النوع الأول من الفلول للسيطرة على مؤسسات دولة الثورة.. هم أبناء أوفياء لفترة الحكم التى مزجت السياسة بالبيزنس بجهاز أمن الدولة. وبعضهم كان ــ ولا يزال ــ منتميا لأحزاب يسارية وإسلامية وليبرالية، ولكنهم مازالوا مخلصين لعصر مبارك.. يفكرون بطريقته، ويسيرون على دربه، بعد أن تشربوا قيمه النفعية، ومبادئه الانتهازية.. هم باختصار، يتحدثون احيانا بلسان الثورة ويفكرون دائما بعقلية مبارك ونظامه.
ورغم الفروق الكبيرة بين هذين النوعين من الفلول، فإنهما يدركان جيدا، بعد فضح تحالفهم مع البلطجية فى موقعة الجمل، أن أقصر الطرق للقضاء على الثورة هو أن يركبوها هى شخصيا، ويرددوا شعاراتها، ويهاجموا مبارك ويقدموا البلاغات ضده بعد ان كانوا كهنة معبده، وهم يستهدفون بذلك المشاركة فى مؤسسات الدولة الجديدة، وفى صنع قراراتها، فى الوقت الذى بدت فيه وزارة د.عصام شرف ــ المفترض أنها تعبر عن حكومة الثورة ــ عاجزة سياسيا وقانونيا عن مواجهتهم، بتلكؤها المثير للريبة والملل فى مواجهة البلطجة وإعادة الأمن للشوارع، وتقاعسها عن إشاعة مناخ ثورى يعلى من قيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
قد نستطيع مواجهة الفريق الأول من الفلول بقانون العزل الساسيى، إلا أننا لن نستطيع أن نوقف عجلة الفريق الثانى عن الدوران بهذا القانون ولا بعشرات القوانين من نوعيته.. فما نحتاجه الآن هو ثورة ثقافية تعيد بناء شخصية المواطن المصرى التى تعرضت لأخطر عملية تشويه وتجريف منذ عشرات السنوات، وهو أمر لا أحد يفكر فيه بجدية، وكأننا نترك المجال لسيادة عقلية واخلاق الفلول وأشباه الفلول فى السيطرة على حياتنا، ليصبحوا ابطال ونجوم المرحلة المقبلة.. دون ان ينقصنا شىء إلا مشاهدة فيلم يذاع فى المناسبات القومية، يقول فيه احد الممثلين للبطل وهو يشد على يديه بحماسة ويهنئه بابتسامة عريضة: «إنت من الفلول.. يا على»!