عقدة المفاوضات الأصلية.. من يحكم غزة؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 12:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقدة المفاوضات الأصلية.. من يحكم غزة؟

نشر فى : الإثنين 19 أغسطس 2024 - 6:20 م | آخر تحديث : الإثنين 19 أغسطس 2024 - 6:20 م

لم يعد سرا كبيرا نقاط الخلاف التى تعيق التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى.

لكن وإضافة إلى نقاط الخلاف المعروفة والمتداولة، والتى تناولت بعضها فى مقال الأمس بعنوان «ما الذى يمنع الوصول لهدنة غزة؟» فإن السؤال الكبير الذى لا يخرج للعلن كثيرا هو: من الذى سيحكم قطاع غزة بعد أن يتوقف القتال ويتم الوصول الى اتفاق تبادل الأسرى؟!

هل هى حركة حماس أم السلطة الفلسطينية أم إسرائيل أم قوة عربية ودولية مشتركة أم نظام هجين يجمع كل ما سبق أو بعضا منه؟

نتنياهو يكرر كثيرا أنه لن يترك غزة وأنه فى أحسن الأحوال سيظل متواجدا على أطرافها حتى لو انسحب من المدن المزدحمة فى حال التوصل إلى اتفاق.

أما كبار شركائه فى الائتلاف المتطرف فهم يدعون ليس فقط إلى الاستمرار فى احتلال القطاع، بل العودة إلى الاستيطان فيه، ورأينا إعلانات تجارية تروج لبناء مجمعات سكنية إسرائيلية فاخرة على شواطئ غزة، ولا ننسى أن الخريطة التى عرضها نتنياهو أمام الأمم المتحدة قبل أسابيع قليلة من العدوان لم تظهر غزة فى إطار الدولة الفلسطينية بل فى داخل إسرائيل.

حماس بدورها ترى أنها باقية ومستمرة فى إدارة قطاع غزة، مادامت لم تَنْهَرْ أو تتفكك أو تنهزم بصورة كاملة. وربما أقصى ما يمكن أن تقبل به فى ظل الظروف الحالية هو إدارة مشتركة مع السلطة الفلسطينية فى إدارة القطاع، أو حتى إدارة السلطة فقط، لكن بشرط ألا يتم التنكيل بعناصرها وكوادرها.

ومادامت إسرائيل لم تتمكن من إلحاق الهزيمة الكاملة بحركة حماس، فإن الأخيرة ــ مادامت قادرة على المقاومة والتواجد سواء فى الأنفاق أو حتى شن حرب عصابات ــ لن تقبل فكرة التفكيك التى تدعو إليها إسرائيل والولايات المتحدة.

أما السلطة الفلسطينية ورغم ضعفها الواضح للجميع، فهى تظل الطرف الشرعى الوحيد فى المسرح السياسى لدى القوى الدولية والأمم المتحدة، لكن حكومة نتنياهو لا تقبل بهذا الطرح، لأنه يفشل خطتها الأساسية فى تصفية القضية الفلسطينية، وبالتالى فإن عودة السلطة لغزة ينهى الانقسام، ويعيد إعمار القطاع، ويجعل الجميع يتحدثون عن وجود طرف قادر على انجاز تسوية.

 وبالتالى فأغلب الظن أن إسرائيل ستحارب وجود أى طرف فلسطينى قادر على إدارة قطاع غزة سواء كان حماس أو السلطة أو حتى طرف فلسطينى حقيقى بعيدا عن الفكرة القديمة الفاشلة على غرار «روابط القرى» فى الضفة فى حقبة الثمانينيات من القرن الماضى.

بطبيعة الحال فإن مصر تتمسك أولا بوقف العدوان وانسحاب إسرائيل وأن يحكم القطاع الفلسطينيون والأفضل أن تكون السلطة الفلسطينية فى إطار توافق وطنى فلسطينى ونتذكر أن القاهرة بذلت جهودا كبيرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية منذ وقوعها عام 2007 وحتى هذه اللحظة، ولا تقبل القاهرة فى كل الأحوال باستمرار السيطرة الإسرائيلية على الحدود، وكان واضحا أن مصر لا تقبل حتى بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح مادام تحت الاحتلال الإسرائيلى ولذلك تقوم بإرسال المساعدات عبر معبر كرم أبوسالم الإسرائيلى.

الموقف الأمريكى منحاز بطبيعة الحال لإسرائيل انحيازا فجا ومكشوفا، لكنه بين الحين والآخر، يختلف قليلا مع رؤية نتنياهو المتطرفة، حينما يشعر أن المصالح الأمريكية العليا سوف تتضرر إذا استمر العدوان وتوسع وقاد إلى حرب إقليمية يمكن أن تفيد روسيا والصين وإيران، إضافة لوجود معارضة نسبية إلى حد ما داخل التيار التقدمى فى الحزب الديمقراطى الأمريكى للانفلات والجنون الإسرائيلى وتأثيره على العلاقات مع العرب والمسلمين.

أمريكا لا تريد حكم حماس، وهى كانت أقرب إلى صيغة تقبل بعودة السلطة الفلسطينية «المطورة أو المنشطة» وهى عبارة تعنى تغيير قيادة الرئيس محمود عباس أبومازن بأخرى اصغر سنا وتكون مقبولة من كل الأطراف، لكن إسرائيل لا تريد أى تواجد فلسطينى رسمى فى الحكم لأنه يعنى فشل مخططها الجوهرى وهو تهجير الفلسطينيين من غزة وتهويد الضفة. وبالتالى نعود للسؤال الأهم.. العقدة المستحكمة: من سيحكم القطاع بعد نهاية العدوان؟

عماد الدين حسين  كاتب صحفي