ماذا تخبرنا كلمات أوباما؟ - ديفيد س. برودر - بوابة الشروق
الخميس 10 أبريل 2025 7:18 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ماذا تخبرنا كلمات أوباما؟

نشر فى : السبت 19 ديسمبر 2009 - 9:14 ص | آخر تحديث : السبت 19 ديسمبر 2009 - 9:14 ص

 ما يميز الرئيس باراك أوباما عن غيره من السياسيين، هو إمكانية تعلم الكثير من خلال الاستماع إلى خطاباته فى أى مناسبة.

وبصراحة شديدة، يوجه النقد إلى الرئيس فى بعض الأحيان بسبب حجم ظهوره العلنى، والواقع أنه يكثر من الخطابة دائما فى المرات التى يظهر فيها.

ولكننا تعلمنا فى سياق حملته خطأ ظن أن هذه الخطابات مسألة روتينية، وهو ما تعزز فى السنة الأولى من فترة رئاسته. حيث لا يضاهيها شىْ من حيث الرؤية العميقة التى تقدمها حول الأسلوب الذى يعمل به عقله، والسياق الذى يقوده فى عملية اتخاذ قراراته.

ومن الملفت أيضا ذلك الاتساق الذى يضع به أفعالا محددة فى إطارها التاريخى والفلسفى الأوسع، ومقدار تأثر اتخاذه للقرارات بما توصلت إليه ممارساته الفكرية بشكل عام.

ولفت هذا الأمر انتباهى لأول مرة أثناء الأزمة التى وقعت أثناء الانتخابات التمهيدية، عندما وصلت إلى الرأى العام وجهات نظر راعى الكنيسة الذى كان يتبعه لمدة طويلة، القس أرميا رايت، تلك الآراء التى كانت مستفزة بشكل عنصرى.

ولكن فى خطابه الشهير فى فيلادلفيا، اتخذ أوباما الخطوات الأولى فى فصل نفسه عن رايت، ولكنه نجح كذلك بطريقة ما فى الضغط بسبب الحملة الشرسة، التى خاضها فى صياغة ما يرجح أن ينظر إليه باعتباره أهم مقال حول العرق قدمته أى شخصية عامة منذ عهد الرئيس ليندون جونسون والدكتور مارتن لوثر كينج.

وخرجت برد الفعل نفسه عند قراءة خطابى أوباما اللذين ألقاهما خلال الأسبوعيين الماضيين فى أكاديمية الولايات المتحدة العسكرية فى ويست بوينت، حينما أعلن خطته بشأن أفغانستان، وفى أوسلو عند قبوله جائزة نوبل للسلام.

كانت مهمته المباشرة فى ويست بوينت إعلان استنتاجات مراجعته الطويلة المضنية لإستراتيجية أفغانستان، وتفسير قراره المثير للخلاف من كلا الجانبين، حيث قرر إرسال 300 ألف جندى أمريكى إضافى، لكن على أن يتم البدء فى سحبهم بحلول يوليو 2011.

وكان البدء فى الإجابة عن كل التساؤلات التى أثيرت بسبب ما تسرب من جدل داخلى فى إدارته خلال الشهور الثلاثة الماضية كافيا فى حد ذاته كى يعتبر تحديا.

ولكن أوباما أصر على وضع قراراه فى سياقه التاريخى باعتباره ردا على كل المحرضين على هجمات الحادى عشر من سبتمبر التى طغت عليها حرب العراق فيما بعد ثم وضعه فى سياقه الاستراتيجى، بوصفه جزءا أساسيا من الصراع الذى لا ينتهى من أجل تحقيق الاستقرار فى منطقة باكستان ــ أفغانستان الحيوية.

بالنظر من هذه الزاوية، يتضح تماما لماذا قرر أوباما تحدى الرغبات السابقة لحزبه ورفع سقف المخاطر.
أما فى خطاب أوسلو، تمثل التحدى الواضح فى شرح السبب الذى من شأنه أن يجعل رئيسا يقود دولة تشتبك فى حربين يحصل منفردا على جائزة للسلام. وبدلا من تجاهل هذه المسألة، أو التغطية عليها من خلال ترديد العبارات المبتذلة، تناولها أوباما بشكل مباشر، بدءا من الدقيقة الأولى من خطابه، حيث كرس نصف نصه لهذه المسألة.

ركز أوباما على المعنى الذى يتخذه المفهوم القديم عن «الحرب العادلة» فى عالم اليوم، ووجد نفسه يقول، على عكس رغبات الذين منحوه الجائزة، «إننا لن نقضى على الصراع العنيف فى حياتنا. وسوف تكون هناك أوقات تجد فيها الشعوب سواء فى سلوكها على المستوى الفردى أو الجماعى أن استخدام القوة ليس ضروريا فحسب بل مبررا من الناحية الأخلاقية كذلك.

كما قال إن أفغانستان تمثل تلك الحالة، كما مثلتها حرب الخليج الأولى من أجل صد غزو العراق للكويت.
ولكنه لم يسحب مثل ذلك الزعم على الحرب، التى بدأها جورج دبليو بوش فى العراق، وأكد أن عديد من التنازلات الأخلاقية التى قدمتها الإدارة السابقة فى الحرب على الإرهاب لم تكن مبررة أيضا.

لم يكن هذا خطابا مصمما خصيصا من أجل جمهوره الحاضر. حتى إنه تجرأ على الدخول فى جدل مباشر مع روح دكتور كينج، مؤكدا أن «الحركة غير العنيفة لم يكن بمقدورها وقف جيوش هتلر».

ولكن هذا أعطى المستمعين شعورا واضحا حول الموقع الذى يضع فيه أوباما الحد الفاصل عند استخدام القوة أو التهديد بها فى المفاوضات الدولية، وسبب ذلك. وأوضح كذلك ما بدا فى بعض الأحيان تناقضا بين التماس عقوبات مشددة ضد إيران، والاستعداد للدعوة إلى مفاوضات مع طهران.
وكما قلت من قبل، يمكننا جميعا تعلم الكثير من الاستماع إلى هذا الرجل.

ديفيد س. برودر كاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
التعليقات