صباح الخير.. احنا النهارده ٢٠ فبراير ٢٠١٣ فى بدايات العام الثالث من ثورة الشعب.. نحينا رئيسا وطاقمه، وعندنا الآن رئيس منتخب، وحكومة، ودستور استفتوا عليه الشعب. وعندنا كمان أطفال وشباب بيتخطفوا وينضربوا ويتعروا وينتهك عرضهم، وأطفال وشباب بيتحبسوا، وأطفال وشباب بيتقتلوا؛ إما لأسباب عبثية ــ الجيش كان «بيهزر» معاهم مثلا فى حالة عمر صلاح ــ أو لأنهم صائنون لإيمانهم بالثورة، ويعملون عليها.
احنا النهارده ٢٠ فبراير ٢٠١٣ وفيه ٣١ شابا من نشطاء الاسكندرية محبوسون. منهم حسن مصطفى.
مين محمد مصطفى؟ سؤال سألوه لنا المارة حين حملنا لافتات باسمه أمام دار القضاء العالى يوم السبت.
طيب، فاكرين ٦ ابريل سنة ٢٠٠٨ لما مجموعة من الشباب دعوا إلى الإضراب العام فاتقبض عليهم واتحبسوا؟ واحد منهم كان حسن مصطفى.
وفاكرين أول وقفة أمام قسم سيدى جابر سنة ٢٠١٠ ــ وكانت من عشرة أنفار ــ علشان خالد سعيد لما قتلوه؟ اللى نظمها كان حسن مصطفى.. ووقتها ضربوه وسحلوه.
وفاكرين لما المواطنين شكوا فى العربيات اللى كانت داخلة مبانى أمن الدولة عشان تاخد الملفات فاعترضوا طريقها فى ليلة ٤ مارس المشهودة ومنعوها ومارسوا حقوق المواطنة إلى أن سلموا المبانى والملفات (للأسف) للجيش؟ كان من أوائل من قاموا بهذا العمل فى الاسكندرية حسن مصطفى، وأصيب ليلتها برصاصة فى بطنه، ثم برئ منها والحمد لله.
يقولون إن نصف الباعة الجائلين فى الاسكندرية يعرفونه، لمساندته لهم، ووقوفه معهم ضد بلطجة الداخلية، ومساعدتهم فى تكوين نقابة خاصة بهم.
حسن مصطفى يعمل بالتسويق فى إحدى الشركات، ويعيش مع الأسرة فى محرم بك.. صوره فى كل مكان على مواقع الاتصال، لكن هناك صورة أحبها، تحملها تغريدة: شاب بجينز وقميص كاروه أزرق يرقد أمام عربة ترحيلات، والتغريدة تقول: «حسن مصطفى نايم تحت عربية الترحيلات بعد ما الاخوان لفقوا قضايا جديدة للمفرج عنهم فى احداث 23 نوفمبر!».
يعنى باختصار، حسن مصطفى من القيادات المهمة فى الإسكندرية: فعال ومحبوب ومحترم وله شعبية واسعة.. حينما طُرِح المسار الديمقراطى قرر أن يمشى فيه ويترشح عن دائرته لانتخابات مجلس الشعب، ثم تراجع عن هذا حين قَتَل أصحاب الأمر فى البلاد شباب البلاد فى أحداث محمد محمود فى نوفمبر ٢٠١١. ثم وجد ــ كالكثير من الثوار ــ أن من أهم ما يقوم به من أفعال ثورية مساندة الثوار والغلابة فى النيابة والمحاكم، فبدأ فى دراسة القانون فى التعليم المفتوح.
الكل يقول إن نشاطه الممتد عبر السنوات الخمس الماضية جعل بينه وبين الداخلية تار، وأن هذا سبب حبسه الآن فى سجن برج العرب. أما سبب الحبس المعلن فهو الاتهامات الموجهة له بالتحريض على الشغب، وإهانة القضاء.. وحسن مصطفى ينفى جميع التهم ويقول إنها «ملفقة».
والقصة هى أن يوم ٢٠ يناير ألقى القبض على نحو ٣٠ متظاهرا عند محكمة المنشية على خلفية الاشتباكات بينهم وبين الأمن أثناء جلسة محاكمة ضباط متهمين بقتل الثوار.. وفى مساء نفس اليوم ألقى القبض على عشرة أشخاص، بينهم عمر هشام (١٤ سنة) ومحمد صابر (١١ سنة) وتم التحقيق معهم فى الفجر بدون محامين. وفى الصباح توجه بعض النشطاء الحقوقيون، وبينهم حسن مصطفى وماهينور المصرى وعبده مصطفى وعلى فاروق وغيرهم إلى نيابة المنشية للاستعلام عن مكان وجود الطفلين ولتقديم بلاغ ببطلان التحقيق مع المتظاهرين لأن التحقيق تم فى غياب المحامين، وقامت بينهم وبين النيابة ــ التى رفضت تلقى البلاغ ــ مشادة كلامية انتهت باتهام حسن مصطفى بالتعدى على وكيل النيابة أحمد درويش بالضرب، وحبسه، ورفض طلب المحامين بإخلاء سبيله بضمان محل إقامته.
ضربوا حسن مصطفى فى السجن، وحبسوه انفراديا فى الزنزانة المخصصة لمن حُكِم عليهم بالإعدام، وحرم من الخروج من الزنزانة تماما ــ كل هذا بالرغم من أنه كان محبوس احتياطيا ــ ثم، وبعد أربعة أيام من القبض عليه قررت النيابة تجديد حبسه أسبوعا دون أن يعرض عليها.. هنا أعلن حسن مصطفى الإضراب عن الطعام واستمر فيه إلى أن تراجعوا عن الحبس الانفرادى بعد عشرة أيام.
وحاول أهل الخير التفاوض بين حسن والنيابة فكان الرد بأن يعتذر حسن لوكيل النيابة أحمد درويش أو يحبس ٣ سنين.. ولم ير حسن وجوب اعتذاره عما لم يقم به، فظل فى محبسه.
وفى ذكرى تنحى مبارك فى ١١ فبراير نشرت «البديل» نص رسالة من حسن مصطفى فى محبسه إلى الرئيس مرسى، يقول فيها: «لا تريد إلا علوا لك ولجماعتك فى الأرض.. لا يعرف العدل لحكمك سبيلا ولا للحق فى دولتك مكانا ولا للمظلوم فى قضائك عدلا، فهى دولة الظلم والبطش والاستبداد، على خطى من خلفك تسير فتهلك الحرث والنسل وتنشر الفقر والجوع وتتخذ بطانة لك فى الحكم هم سدنة الظلم وزبانية البطش».
وبعدها بيومين رفضت محكمة جنح المنشية إعادة قضية حسن مصطفى للتحقيق وندب قاض للتحقيق فى دائرة غير الموجود بها أحمد درويش وقررت تأجيل نظر القضية أسبوعين إلى ٢٦ فبراير.. وخرجت المظاهرات يوم الجمعة بعد الصلاة من جامع القائد إبراهيم، واحتشدت تحت بيت حسن فى محرم بك حيث خرجت والدته إلى الشرفة تلوح للشباب بعلامة النصر.
وفى ١٧ فبراير كتب حسن مصطفى رسالته الثانية من السجن، موجهة هذه المرة إلى «الشباب الثائر والمناضلين الأحرار»، يدعو إلى توحيد الصفوف، ويقول فيها: «أعتقد ان بعد عامين على اندلاع هذه الثورة، قد آن الأوان لتنظيم صفوفنا تحت تنظيم ثورى واحد.. يجب أن ننظم أنفسنا فى كل محافظة ومدينة وقرية، فإن الثورة هى تغير السلطة السياسية والاجتماعية، وإننا لم نر أى تغير فى الوضع الاجتماعى، بل ازداد سوءا، إننا نناضل من أجل انتزاع السلطة من هذه الفئة المسيطرة والمستغلة وبناء سلطة وطنية، تكون من أبناء هذا الشعب، وتكون معبرة عن مصالح الأغلبية الكاسحة من جماهير شعبنا العظيم».
بالأمس أعلن حسن مصطفى انه مضرب عن الطعام إضرابا مفتوحا منذ يوم الخميس ١٤ فبراير (أى فى اليوم التالى لقرار المحكمة) احتجاجا على ما يراه من احتجاز غير قانونى له وتعنت المحكمة فى الاستجابة لطلبات محاميه.. وبالأمس بدأت الحملات والحركات المختلفة إعلان التضامن معه.
الجملة الوحيدة المكتوبة على صفحة حسن مصطفى فى الفيس بوك اليوم تقول: «لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت». وحسن مصطفى لن ينحنى، فهو من الثوار المؤمنين حقا بالثورة، وبوجوب التغيير، وببلدنا، وبالشعب، وهو من القياديين المنظِّمين الممكنين للغير ــ وهم أكبر الخطر على فساد وديكتاتورية وركود الأنظمة.
حسن مصطفى ليس وحده، فاكتبوا له.. راسلوه.. علاء عبد الفتاح يقول إنه حين كان حبيسا، كانت الرسائل والبرقيات بتفرق معاه جدا.
فابعثوا لحسن مصطفى بالرسائل والتلغرافات على عنوانه:
حسن مصطفى
زنزانة ٩
عنبر ٢٣ شديد الحراسة
الدواعى الأمنية مجموعة هـ
سجن برج العرب الاحتياطى