مائة مكان فى العالم.. قد تغيّر حياتك منها الأقصر - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 7:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مائة مكان فى العالم.. قد تغيّر حياتك منها الأقصر

نشر فى : الجمعة 20 مايو 2022 - 9:05 م | آخر تحديث : الجمعة 20 مايو 2022 - 9:05 م

طالت صحبتنا ــ مجلة ناشيونال جيوجرافك National geographic وأنا ــ لسنوات طويلة لا أذكر عددها لكنى أخالها منذ وعيت أهمية أن صحة الإنسان النفسية تعتمد على ما يختاره من وسائل تخلصه مما يعلق به من هموم الحياة اليومية أو مشاعر قائمة تداهمة فى لحظات على غير انتظار. هى بلا شك استثناء القاعدة، فالكثير من المجلات ربما تنتهى منها قبل أن تفرغ من تصفح صفحاتها رغم الألوان والصور والعناوين المثيرة، رغم اختلاف الموضوع الرئيسى لكل مجلة بين الأدب والسياسة والخبر وربما الفنون. تظل ناشيونال جيوجرافك المجلة التى يمكن أن تحتاجها باستمرار لتتأمل جمال الطبيعة وتسافر عبر موضوعاتها الإنسانية إلى آخر نقطة يطالها إنسان فى العالم، ولا تحلم أنت بأن تراها إلا كما عرضها وصورها لك بحرفية مذهلة صحفيوها ومصوروها فى إبداع فريد.
الحديث عن مجلة ناشيونال جيوجرافك والاحتفاء بها اليوم قد يحمل دعوة منى لأن يطلع عليها كل من يبحث عن اختيار جديد يثرى حياته أو من يبحث لنفسه عن مهرب آمن من واقع حوله يفرض نفسه وأحداثه وأخباره بصورة تؤرق النفس وتنفث فيها القلق.
عنوان هذا العدد من المجلة «مائة مكان يمكنها أن تغير حياتك».. دائما ما تختار المجلة عنوانا أساسيا تدور حوله كل موضوعاتها ولطالما عرضت تلك الموضوعات بطريقة علمية جذابة خاصة ما يتعلق بالصحة والوسائل الطبيعية للعلاج والوقاية من الأمراض إلى جانب موضوعاتها الثقافية والتاريخية وقلما اقتربت من السياسة ولكن فى صورة إنسانية عادلة فى مواقف من الصعب ألا يتحيز فيها إلا من انحاز بالفعل للحق والعدالة.
اختار عدد هذا الشهر مائة مكان فى العالم فكانت مباراة فى الجمال المقترن بالطبيعة المذهلة والتاريخ البشرى والجغرافيا المدهشة المتنوعة للعالم. مائة موقع أثرى أو ذو طبيعة خلابة أو مواصفات بشرية فريدة فى مائة وعشر صفحات بالألوان إذا ما تكرر تأملك لها لوجدت فى كل مرة شيئا جديدا لم تلحظه من قبل وشعرت بما ينتابك من صفاء نفسى تسعى إليه بممارسة الرياضات الذهنية كالتأمل أو التنفس العميق. وهذا فيما يبدو الهدف من إصدار هذا العدد: الذهاب إلى تلك الأماكن سيؤثر فيك إلى الدرجة التى معها يتغير وعيك وعقلك، وجسدك وروحك فأى تلك المواقع ستختار؟
كان أول ما تبادر لذهنى حينما بدأت تصفح العدد: هل مصر بين تلك المواقع وأى مكان فيها يا ترى قد يملك هذا الأثر على نفس الإنسان؟
جاء ذكر مصر بالفعل: الموقع ٧٤ تحت اسم نهر النيل: مصر. ذكرت المجلة أن الإبحار فى النيل يعد أمرا مؤثرا فى الروح، خاصة إذا ما بدأ من الأقصر؛ حيث مقبرة الملك الأشهر فى التاريخ المصرى القديم فى وادى الملوك توت عنخ آمون.
ترى هل حقا السفر إلى تلك الأماكن الفريدة فى العالم يمكنه أن يغير الإنسان ويطال روحه ويلمس مراكز الإحساس بالجمال فيه، فيعيد إليه أمانا مفقودا أو يهبط بمؤشرات القلق فى نفسه مبددا المشاعر الاكتئابية باعثا البهجة التى تجلو الروح ومعها يصح البدن؟
لا أنكر أن مجرد مطالعتى لهذا العدد من المجلة أشعرتنى براحة لم يكن لها أى سبب آخر إلا تلك المتعة التى تذوقتها على مهل وأنا أنتقل من صور الزرقة الصافية والأعشاب المرجانية فى نيوكالدونيا إلى سور الصين العظيم ثم كنائس اليونان القديمة، ومنها إلى أيسلندا نصف المتجمدة إلى مآذن إسطنبول السامقة بجزيرة الملكة فى أستراليا وشعابها المرجانية المذهلة الألوان والتضاريس.. بيرو وحضارة الأنكا، الانتقال من هدوء ووداعة بلاد الشمال السويد والنرويج إلى حرارة الأرجنتين وإيقاع التانجو على أراضيها. إيطاليا الساحرة، فلورنسا العريقة، وفينسيا والحياة فى جندول.. الكثير والكثير من ألوان الحياة وسحر الطبيعة فى صور تتوالى كلوحات.
أكاد أجزم بأن للأمر فعل السحر.
ربما كان فعل «البلاسيبو» كما يطلق عليه أصحاب العلم والتجارب العلمية حينما يجرون اختبارا على دواء جديد يختبرونه: يبدأ الباحثون فى تقسيم المتطوعين لمجموعتين ثم دون علم أى منهم يعطونهم الأقراص لتجربة أثرها ويسجلون كل ما يتعلق بالأعراض الظاهرة. نصفهم يتعاطى الدواء المراد تجريب أثره والنصف الآخر يقدمون إليه أقراصا مماثلة تماما فارغة المحتوى ربما صنعت من الدقيق أو ما شابهه من مواد لا تحدث أى أثر، تسمى بكشف البلاسيبو، أو الأثر بالإيحاء.
قد نستسلم للإيحاء الإيجابى حتى نعتقده وهذا فى حد ذاته هدف أراه نبيلا من مجلة ناشيونال جيوجرافك لدعم الإنسان فى هذا الزمن الذى يحاصرنا، فلا يترك لنا فرصة أن نحيا الحياة كما نحب أن نحياها.

التعليقات