النخبة الفقيرة - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 7:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النخبة الفقيرة

نشر فى : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:30 م
من السهل توجيه خطابات قاسية للنخبة، فهو نقد مجانى عام، لا يخاطب شخصا بعينه، أو فئة بشكل خاص، وبالتالى لا أحد يرى نفسه فى موقف يتطلب منه الرد أو يستشعر أن هناك موقفا ينبغى أن يسجله. لكن المسألة أكثر تعقيدا من مجرد الهروب من مواجهة الواقع من خلال إدانة النخبة مثلما يفعل البعض. المسألة جد خطير، نحن إزاء أزمة حقيقة فى صفوف نخبة، يتهاوى تأثيرها، ويغيب عن المجتمع دورها الفاعل.
فى قضية «هضبة الأهرام»، وقد اتيح لى دراستها بشكل جيد فى رسالة الماجستير، كانت هناك نخبة امتلكت المعرفة، والقدرة على الحركة، والأسلوب المناسب لمخاطبة الرأى العام، ما بين أساتذة جامعات وإعلام وساسة وأعضاء فى البرلمان. خاضت معركتها برؤية وفهم.
فى معركة «تيران وصنافير» ــ أيا كان الموقف منها ــ الواضح أن النخبة المؤيدة للموقف الرسمى والمعارضة له لم تستطع أن تدير المعركة بطريقة جيدة، لم تعرض القضية بشكل يفهمه الجمهور العام، الذى يبدو أنه أنصرف عن المشهد.
رغم الفارق بين القضيتين «هضبة الأهرام» و«تيران وصنافير»، يبدو أن النخبة التى كانت منذ أربعين عاما لم تعد موجودة الآن. الأسباب تتعدد.
نظام تعليمى ضعيف، لم يعد ينمى القدرات الثقافية، ويصقل المعارف.
حياة عامة، رغم كل الحراك التى حدث فيها فى السنوات الماضية، لم تؤد إلى ظهور قيادات لديها تكوين معرفى، قادرة على الفاعلية والنشاط فى الحياة العامة، والتأثير فى المجتمع.
تكوينات سياسية فقيرة سواء كانت أحزاب أو حركات، لم تعد فيها قيادات لديها المعرفة والوعى والخبرة السياسية.
أعضاء برلمان لم تصقل معارفهم مثلما كان الحال فى برلمانات السبعينيات التى قل فيها المعارضون، بينما زاد فيها هامش المعارضة نفسها، بسبب الأداء الجيد الواعى للمعارضة، التى وقفت فى مواجهة رجال دولة فى صف الحكم كانوا يمتلكون المعرفة، والخبرة، وفن إدارة الدولة.
هناك ضعف عام فى بنية الدولة المصرية، بمختلف مؤسساتها وأجهزتها، نتيجة غياب الكفاءات، وضعف الامكانات، وشيوع أساليب مترهلة فى العمل.
المسألة واضحة، لم تعد النخبة أيا كان موقعها، الموالاة أو المعارضة، قادرة على التأثير، وبناء جسور التواصل مع المجتمع، واضحة فى مواقفها، وبناء أفكارها.
إذا ظل الحال على ما هو عليه فإن المجتمع سوف يتراجع أكثر مما هو عليه. القضايا الخلافية التى تطفو على سطح الحياة العامة تثبت أكثر فأكثر ضعف الكوادر، وعدم القدرة على تطوير أساليب العمل.
هل يمكن أن يتطور المجتمع المصرى دون وجود كوادر مؤهلة؟ مرة أخرى لا يعنينى ماذا تحمل من أفكار أو مواقف، فقط أن تكون مؤهلة، قادرة على التأثير. هناك دول مثل الهند أسست معاهد فى الإدارة العليا لتخريج قيادات تتولى المواقع التنفيذية فى الدولة، وهناك دول ديمقراطية جعلت من الأحزاب مدارس تعليم وتدريب وتثقيف سياسى، وتمكين للشباب للعب أدوار فى الحياة العامة.
أين نحن من هذا وذاك؟. لا بديل عن المجال العام المفتوح.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات