خالد على.. كيف يواجه حيتان السوق؟ - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 7:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خالد على.. كيف يواجه حيتان السوق؟

نشر فى : الإثنين 20 نوفمبر 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 20 نوفمبر 2017 - 9:50 م
بإمكان خالد على أن يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة باعتبارها مغامرة سياسية يكتفى فيها بتوسيع باب المشاركة الجماهيرية فى الشأن العام خلال شهور الانتخاب، وهو ما يعنى أن الركود سوف يطبق على صدر حياتنا السياسية من جديد بمجرد انتهائها!

وبإمكانه أيضا أن يجعل من هذه المعركة الانتخابية نقطة انطلاق لتغيير قواعد اللعبة السياسية برمتها، وفتح المجال العام، وتغيير قواعد صنع القرار السياسى والاقتصادى فى مصر، وإسقاط القيود الخشنة والناعمة المفروضة على الأحزاب والصحافة والتليفزيون، وإطلاق حرية التعبير كما كانت موجودة عقب ثورة يناير، وهو المناخ الذى سمح بدخول الجماهير لصدارة المشهد السياسى ربما لأول مرة منذ يوليو 52.

كيف يفعل خالد على ذلك؟ أو بمعنى أدق: كيف يدير معركته الرئاسية؟ وكيف يستفيد من تجربته السابقة التى لم يحالفه فيها الحظ؟ وما هى نقاط قوته وجوانب ضعفه التى قد تمهد له الوصول لقصر الرئاسة أو التى تمنعه من تحقيق هذا الهدف؟

البرنامج الانتخابى بصبغته الاشتراكية الذى خاض به خالد على الجولة الأولى فى انتخابات 2012، وحل به فى المركز السابع من بين 13 مرشحا بأكثر من 134 ألف صوت، لن يضمن له لا الفوز ولا حتى المنافسة بقوة مع المرشح المنتظر عبدالفتاح السيسى، فحتى المرشح الناصرى حمدين صباحى الذى حصد ما يقارب 5 ملايين صوت فى نفس الانتخابات، لم يحصد سوى أكثر قليلا من 750 ألف صوت فى انتخابات 2014 ببرنامج ينتمى لليسار، وهو ما يثيرالتساؤل حول «مقدار الاشتراكية» الذى ينوى خالد على إضفاءه على برنامجه الرئاسى فى الانتخابات المقبلة، وهل يكتفى بقليل من الاشتراكية لإصلاح أوضاع الفقراء المعيشية؟ أما إذا أراد المزيد من الاشتراكية، فكيف سيواجه حيتان السوق الذين بالقطع لن يتركوه يعيد هيكلة اقتصادنا الوطنى من فلسفة السوق إلى الاعتماد على التعاونيات وتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، بدون أن يشعلوا الحرائق أمامه؟

المعضلة الكبرى التى تواجه برنامج خالد على أن مفاصل الاقتصاد المصرى تدار منذ سنوات بالمفاهيم الرأسمالية، والعقلية التى تدبر أموره الآن تعتمد على توجهات أكثر يمينية، تترك للسوق الحرية المطلقة فى تحديد أسعار كل السلع والخدمات الأساسية، وتميل أكثر إلى الخصخصة وتصفية ما تبقى من شركات القطاع العام، فى حين تبدو برامج الحماية الاجتماعية التى تتبناها الحكومة عاجزة عن توفير أبسط مقومات الحياة الآدمية لملايين المصريين، فى وقت تبدو فيه الميزانية مثقلة بمليارات الدولارات من الديون وفوائدها، لن ينظر أصحابها من الدول الخليجية أو المؤسسات المالية الغربية بارتياح لفوز مرشح يسارى برئاسة مصر، بل المتوقع أنهم سوف يناصبونه العداء، ويشنون حربا اقتصادية عليه، لن يستطيع أن يواجهها إلا بالتفاف شعبى واسع حوله، وهو مالا يتوافر له الآن! 

الملامح الاقتصادية الأساسية لبرنامج خالد على والتى أعلنها منذ بضعة أيام، وتتضمن رفع الحد الدنى للأجور إلى 2000 جنيه شهريا، وربطها بمعدلات التضخم، وتفعيل وضع حد أقصى لها، تفرض عليه أن يحدد بالأرقام التفصيلية كيف سيوفر التمويل اللازم لتحقيق هذا الهدف، خاصة أن اقتراحه بوضع نظام عادل للضرائب يشوبه الكثير من الغموض، وهو أيضا ما لن تقبله بسهولة شبكات القطاع الخاص المهيمنة على الاقتصاد الوطنى أو مافيا الفساد المتغلغلة فى ثناياه، فى الوقت الذى نعانى فيه من زيادة تكاليف الإنتاج وضعف الإنتاجية، ونقص قدراتنا التصديرية، وقلة مواردنا من النقد الأجنبى. 

ما ينقص خالد على ليس فقط تفاصيل أساسية فى برنامجه الاقتصادى، ولا حتى مطالبته بضمانات لحسن سير وسلوك العملية الانتخابية ذاتها، ولا أيضا انسحابه من السباق إذا لم تتوافر هذه الضمانات، ما ينقصه فعلا هو إقناع الناخبين بأنه لا يخوض مغامرة سياسية، ولكنه يسعى بجدية للوصول إلى كرسى الرئاسة، وانه قادر فعلا على تنفيذ برنامجه الانتخابى بأقل قدر من الخسائر!

 

محمد عصمت كاتب صحفي