هناك مراحل متتابعة مر بها المخرج توجو مزراحى طوال الستة عشر عاما التى عمل بها فى السينما المصرية بنشاط ملحوظ وهو المخرج الذى وصمناه بعقيدته، وحاول بعض النقاد رؤية أفلامه من خلال هذا المنظور فقط فهو فى البداية اهتم بشكل الأسرة المصرية اليهودية وسط المجتمع المصرى ثم ابتكر شخصيات متكررة مأخوذة من المسرح مثل «المعلم بحبح» و«عثمان عبدالباسط» و«وشالوم» وأما المرحلة الثانية فهى رومانسية غنائية عمل فيها مع ليلى مراد وأم كلثوم ومحمد أمين ومنها أفلام مثل «ليلى» وليلى بنت مدارس» و«ليلى بنت الريف» وفى سنة 1944 فيلم «تحيا الستات» الذى اقتبسه عن فيلم أمريكى يحمل عنوان «ثلاثة عقلاء مجانين» وهو فيلم كوميدى خفيف تم اقتباسه فى مصر مرتين بينهما 20 عاما الثانى هو «العزاب الثلاثة» 1964 إذا فلو قابلنا مكتنة مزراحى فى السينما بزملاء عصره فان كفة كمال سليم تتأرجح بقوة نحو الجدية والخلود أما توجو مزراحى فإنه لجا إلى التنوع بحثا عن الجمهور الذى يميل إلى الضحك أو البكائيات الرومانسية وسوف تذكر له التاريخ أنه صنع ثنائيات بالغة الأهمية مثل المعلم بحبح وزوجته أم أحمد وأيضا عثمان زوجته بهيجة المهدى ثم الأعزب شالوم وزميله عبده وفيما بعد ليلى مراد وحسين صدقى وأيضا يوسف وهبى، وبالنسبة لفيلم تحية الستات فهو من أوائل الأعمال التى تتصف بدهاء المرأة ومكرها ففى لحظة طيش كرر ثلاثة شبان أن يهجروا حبيبتهن ويذهبوا إلى بيت معزول فى الصحراء ويمنعوا اقتراب النساء من البيت ويعيشون فى عزلة وجسد الشخصيات هنا المطرب محمد أمين مع محسن سرحان وأنور وجدى وفيما بعد تأتى امرأة إلى المكان تتحايل فى الدخول إلى عالمهم بحجة أنها جرحت فى الطريق الصحراوى وتقتحم العرين الملىء بالعزاب وترمى بشباكها حول كل واحد منهم هذه المراة جسدتها أمينة شكيب وفى النهاية تتنافس الرجال من أجل كسب قلب هذه الوافدة عليهم وتجعلهم يشعرون بالندم لأنهم تركوا حبيباتهم إلى الصحراء ومن هؤلاء الحبيبات مديحة يسرى وليلى فوزى، الفيلم غنائى سمعنا فيه صوتا صداحا لمحمد أمين الذى كان زوجا لمديحة يسرى فى تلك الفترة أما الفيلم الثانى فهو أيضا غنائى لأن فيه عادل مأمون لآخر مرة فى السينما وكان اكتشافا ملحوظا فى الستينيات وبينما قامت سعاد حسنى بالدور الذى سبقت أمينة شكيب بالقيام به.
ترى هل اكتشاف عادل مأمون كان سببا فى إعادة إنتاج القصة على كل هى أفلام صغيرة يكاد يذكره المشاهد رغم وجود نجوم بارزين فيها وعلى رأسهم بشارة واكيم الذى قلنا من قبل إن وجوده فى فيلم كفيل بانجاحه ولهذا السبب كان يستعين به فى بطولة أفلامه فى الأربعينيات ومنها «الفرسان الثلاثة» و«كذب فى كذب».
فى الرحلة السينمائية لتوجو مزراحى استعان بحكايات عربية من ألف ليلة وليلة كما لجأ إلى الروايات العالمية فهو أول من اقتبس مسرحية «غادة الكاميليا إلى الشاشة فى مصر وفتح فى ذلك الفرصة أمام ستة مخرجين على الأقل ليقدموا القصة نفسها بتنويعات متعددة لاشك أن فيلم «ليلى» لتوجو مزراحى عام 1942 هو أهمها على الإطلاق ما يعكس قوته الإخراجية ورؤيته فقد جمع فى هذا الفيلم اليهودية ليلى مراد والمسلم حسين صدقى والقبطى منسى فهمى دون أى قصدية يأخذها عليه النقاد الأيديولوجيون.