أثارت دعوة الشيخ محمد حسان لإنشاء ما سماه «صندوق العزة» لجمع 100 مليار جنيه تبرعات، تبرع بها المصريون للاستغناء عن المعونة الأمريكية، ردود فعل جماهيرية متباينة.. بعضها تحمس لها لأقصى درجة، وآخرون شككوا فى جدواها، وفريق ثالث ــ خاصة على فيس بوك ــ استقبلها بتعليقات عدائية تساءلت عن سر الثراء الفاحش الذى يتمتع به الكثير من دعاة الفضائيات، كما استقبلها آخرون بتعليقات لا تخلو من خفة دم، حيث طالب أحدهم بتنظيم مسابقة لمعرفة نوع سيارة الشيخ حسان، على أن يعفى الفائز الأول من نصف مبلغ التبرع.
أما خبراء الاقتصاد، فقد كانت لهم إسهامات مهمة فى الكشف عن تريليون جنيه قابعة فى «الصناديق الخاصة» التى تمتلكها جهات حكومية، تستفيد منها فئة محدودة جدا لا يتعدى عددهم النصف مليون موظف. فى حين طرح آخرون خططا لجمع 60 مليار جنيه من خلال تحصيل المتأخرات الضريبية لكبار الممولين الذين أعطتهم الدولة تسهيلات وإعفاءات ضخمة لسنوات طويلة، بالإضافة إلى تعظيم الاستفادة من قناة السويس بتقديم خدمات لوجستية للسفن العابرة فيها تدر 120 مليار جنيه سنويا، بدلا من 20 مليار جنيه فقط من رسوم عبور السفن، كما يمكن أيضا زيادة الضرائب بنسبة بسيطة على الرأسماليين الكبار وعلى أرباح البورصة، بما يوفر للدولة أكثر من 90 مليار جنيه سنويا.
الواضح أننا دولة غنية رغم أننا شعب فقير، وأن المشكلة ليست فى قلة الموارد، لكن فى سوء استغلالها أحيانا وفى سوء توزيعها دائما. وهو ما يستوجب إصلاح هذا الخلل المستمر فى السياسات المتبعة منذ عقود فى مصر، بإعادة النظر فى الاعتماد على السوق كآلية وحيدة للنمو الاقتصادى مع استبعاد الدولة عن دورها الاجتماعى، وبالتالى فإن كل الدعوات بالتبرع، كما ينادى بها الشيخ حسان أو غيره، لن يكتب لها النجاح، مادامت لا توجد فلسفة اقتصادية جديدة تعيد توزيع الثروة القومية، وقبل ذلك إرادة سياسية تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، كما نادت بها ثورة يناير بوضوح.
•••
فاجأنى الاستجواب الذى تقدم به النائب اليسارى المخضرم أبوالعز الحريرى للمشير طنطاوى، حول بلاغ تقدم به أحد الأشخاص ــ كما ذكر الحريرى ــ للمخابرات الحربية، يتهم فيه أحد كبار رجال المجلس العسكرى بتهريب 4 مليارات دولا للخارج منذ عدة أيام. ومع أننى لا أتخيل أن أحدا، أيا كان موقعه فى مصر الآن، يمكن أن تواتيه الشجاعة لتهريب مثل هذا المبلغ، فإننى أطالب المشير طنطاوى بالحقيق فى الأمر، وألا ينتظر مناقشة الاستجواب فى البرلمان، وأن يكشف الحقيقة فورا ودون إبطاء.