إلهام - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 5:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلهام

نشر فى : الجمعة 21 يونيو 2019 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 21 يونيو 2019 - 9:35 م

ستظل الفنانة الراحلة مارى كوينى هى أهم الرموز للنبل والاخلاص، لعملها واسرتها طوال سنوات حياتها، ومن المهم دوما الكتابة عنها كى نذكر الاجيال بالاخلاق العظيمة التى اتسم بها رواد الفن السينمائى طوال القرن العشرين، فكم ذكرت خالتها الممثلة والمنتجة أسيا داغر بالأفضال التى قدمتها لها، فهى التى دفعتها للتمثيل، والعمل كمونتيرة، وقد اغرمت الفتاة القادمة من لبنان بالصحفى المصرى أحمد جلال، الذى تحول إلى الاخراج فعملت تحت ادارته وتزوجته، وأسست معه ستوديو جلال، وأنحبت له ابنه نادر الذى وجهته منذ طفولته إلى التمثيل وكان أحد الوجوه المتميزة فى فيلم «ابن النيل» ليوسف شاهين من انتاجها 1951، وقد مات الزوج تاركا ابنه وهو فى السادسة من عمره، وصارت مارى اقرب إلى الراهبة من اجل انها «ظلت تمثل فى البطولات حتى عام 1953 ومن أبرز أدوارها كممثلة فيلم «الزوجة السابعة» أمام محمد فوزى، اخراج ابراهيم عمارة، وأنتجت أفلاما مهمة منها «ابن النيل» ولم تتوقف عن الانتاج الا بعد تخرج نادر جلال وانتجت له افلامه الأولى ومنها «بدور» 1974، وكان فيلمها الأخير كمنتجة هو «أرزاق يا دنيا»، أيضا من اخراج نادر جلال بعد ذلك التاريخ بعشر سنوات، أى إنها ظلت فى حالة حراك فنى ملحوظ من العشرينيات وحتى الثمانينيات، وهى جدة للمخرج أحمد نادر جلال احد أبرز المخرجين فى العقد السابق.

مارى كوينى هى الممثلة الأسبق التى كان يكتب على افيشات افلامها «نجمة مصر الأولى لسنوات عديدة» وقد وهبها الله وجها بالغ الجمال، وتكوينا جذابا، وكانت المرأة الأكثر ظهورا على أغلفة المجلات طوال الاربعينيات، وعملت مع أبرز المخرجين فى عصرها منهم أحمد جلال، وبعد رحيله عملت مع يوسف شاهين وابراهيم عمارة. الا أن الفيلم الذى نتكلم عنه اليوم لا يعتبر من أبرز اعمالها، فهو من اخراج واحد من المباشرين فى رؤاهم وكان يفضل العمل فى اعمال ذات رسالة مثل «السيد احمد البدوى» وهو بهاء الدين شرف صاحب فيلم «كابتن مصر»، هو باختصار نسخة باهتة جدا من ابراهيم عمارة.

الفيلم يحمل اسم «إلهام» انتاج عام 1950، وهو واحد من افلام تحمل اسماء نسائية عديدة قامت مارى كوينى ببطولتها، ومنها: «ماجدة» و«راوية»، والفيلم بطولة يحيى شاهين، وسليمان نجيب، وجلال حرب، وعدد من نجوم الصف الثانى، والمفاجأة فى الفيلم ان الذى كتب قصته هو الدكتور محمد مندور الناقد الأكاديمى المعروف، والفيلم غريب فى قصته، فهو حول مفكر جبلى قرر الخروج من قبيلته بحثا عن الحقيقة، ويقابل فتاة بدوية مرت بظروف بالغة السوء، وتحكى له عن مسيرتها المليئة بالصدمات، حيث يخرجنا الفيلم من أجواء الصحارى إلى الحياة المدنية، ويبدو لقاء الرجل بالمرأة أقرب إلى الجدل الفكرى بين الفكر، والاثم، وبين الفضيلة والخطيئة، فهذا الرجل البكر الذاهب إلى مكة المكرمة لاكتشاف الحقيقة، ويستمع الرجل إلى حكاية المرأة التى مرت بالعديد من التجارب الحسية والرومانسية مع العديد من الرجال وقابلت بعضهم. فتركوا أثرا فى حياتها، حتى اذا قابلت المفكر الناسك، كانت قد غسلت جميع ذنوبها وصارت على ابواب حياة جديدة وهى تذهب معه إلى الحجاز.

الناسك هو الممثل يحيى شاهين بالطبع، ونحن لن نحكى ما فعله كل رجل التقى الهام، لكن الناسك ظهر فى بداية الاحداث ونهايتها، وراح يستمع إلى القصة دون تدخل أو مقاطعة حتى يظهر مرة أخرى قرب خاتمة الفيلم، كى يضاف الناسك إلى بقية العشاق، حيث تؤكد الأحداث أن هذا الرجل سيكون خاتمة المطاف بالنسبة لها، علما بأن الفيلم لم يمنح أبطاله الرجال أى نوع من التسميات النهائية. كأن نقول إنهم أخيار أو اشرار، لذا فان ايا منهم لم يدفع الثمن فمنهم من أحبها، ومنهم من عشقته دون أن يبادلها المشاعر، والغريب ان المخرج ليس من النوع الذى يجعل الممثلين معه فى أحسن حالاتهم، وعلى سبيل المثال يحيى شاهين، وسليمان نجيب، أما المطرب السكندرى جلال حرب فلم ينجح مخرج واحد فى أن يجعل منه ممثلا وعلى رأسهم عزالدين ذوالفقار.

اهمية مشاهدة هذا الفيلم اننا نتعرف على تاريخ كان مجهولا تماما فى تاريخنا الفنى، وهى افلام موجودة بالفعل، وكل المطلوب هو مشاهدتها وإعادة احيائها وبدلا من التكرار الشديد فى العروض السينمائية لعدد محدود من الافلام، وامامنا الكنوز على اليوتيوب.

التعليقات