أرض مصر الزراعية - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:13 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أرض مصر الزراعية

نشر فى : الخميس 21 أكتوبر 2021 - 7:30 م | آخر تحديث : الخميس 21 أكتوبر 2021 - 7:30 م
منذ أيام عادت السلطة على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى لتثير واحدة من أخطر المسائل التى تعانى منها مصر، وهى البناء على الأرض الزراعية.
بعض الناس فى الوجهين البحرى والقبلى رغبوا فى البناء على الأرض الزراعية، وشرعوا فى التنفيذ، مستغلين أوقاتًا محددة للبناء، لاسيما وقد ملك بعضهم ثروة من خلال العمل بالخارج لتخصيصها للبناء على ما يملكونه من أراض زراعية مشتراة قديمًا أو حديثًا. فإبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان الناس يستغلون أيام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كى يقوموا بالبناء على عجل، وكانت السلطة فى هذا الوقت تغمض عينيها ولا تهدم ما تم بناؤه، وعادة ما كان القائم بالبناء لا يدفع حتى الغرامة المقررة على البناء، متملصًا من القوانين التى تحرم البناء خارج الحيز العمرانى، أو البناء داخله ودون الحصول على ترخيص. إضافة إلى ذلك استغل القائمون بالبناء أوقات الإجازات كى يقوموا بالبناء على الأراضى الزراعية، من هنا قام بعض هؤلاء باستغلال أيام الأعياد التى قد تمتد لأسبوع، لأن تلك الأيام تكون أجهزة الإدارة المحلية فى حالة غياب، وتكون بعض قيادات تلك الإدارة قد أوعزت للقائمين بالبناء باستغلال فرصة الإجازات لسرعة البناء، حتى إذا ما انتهت الإجازة كان المبنى قد أقيم، وأصبح أمرًا واقعًا. علاوة على ذلك استغل لصوص الأرض الزراعية أحداث عدم الاستقرار إبان أحداث يناير 2011 وما تبعها من فترة انتقالية استمرت نحو أربع سنوات، للقيام بالبناء بشكل أكثر شراهة، فبنوا ما يكفيهم ويكفى للاتجار فيه، وقد وصل ذلك إلى حد نهب عشرات الآلاف من الأفدنة عظيمة الجودة للبناء عليها.
من هنا كان الفساد الإدارى فى المحليات، وبدعم من السلطة فى بعض الأوقات، إضافة لعدم الاستقرار هو سبب البناء على الأرض الزراعية.
المشكلة الرئيسة فى البناء على الأرض الزراعية، هى أن هذا البناء ينقص من رصيد الرقعة الزراعية، وهى الرقعة الصغيرة والتى لا تتجاوز بأى حال 10% من مساحة مصر، إذ يعرضها للشراقى والبوار، ما يهدد الأمن الغذائى لمصر، خاصة وأن البناء يتم على واحدة من أخصب الأراضى الزراعية فى الدولة وهى الدلتا ووادى النيل. إضافة إلى ذلك فإن البناء على الأرض الزراعية يضاعف من الإنفاق على وجود بديل للأرض المنهوبة، إذ إن استصلاح أرض جديدة علاوة على أنه مكلف، فإنه لن يعوض جودة المفقود. صحيح أن استصلاح أرض جديدة يجب أن يكون عملا دائمًا، إلا أن هذا لا يجب أن يكون عوضًا عن بوار الأرض الصالحة منذ قرون غابرة.
لا شك أن بعض ممن قام بالبناء على الأرض الزراعية كان فى حاجة إلى تسكين الأبناء والأهل بذات الموقع، بعد أن كثر وكبر هؤلاء، وأصبحوا فى حاجة إلى الانفصال عن الأسرة. لكن هذا الأمر ما كان له أن يتم بتلك الطريقة العشوائية التى تخلق أزمة غذاء كبيرة.
واحد من أهم الأمور التى يجب أن تكون حلا جذريا لتلك المشكلة هو هدم ما تم بناؤه، ولم يصدر من خلاله قرار إدارى بالتصالح، وذلك وفقًا لقانون التصالح رقم 17 لسنة 2019 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية، والمعتمدة مواده على التصوير الجوى الأخير والذى قامت به الدولة فى 22 يوليو2017. كذلك فإنه من الأهمية بمكان ونحن فى إطار مشروع تطوير الريف المصرى الجارى، والقائم على تبطين الترع ودعم شبكات النقل والصرف وغيرها من خدمات، هو تخصيص مساحات كبيرة من الأراضى المستصلحة حديثًا فى الظهير الملاصق للأراضى الزراعية، والخارجة عن نطاق الوادى والدلتا. فمن خلال تلك الأراضى يكون مخططا تقسيم تلك المساحات لقطع مختلفة، منها ما يخصص للزراعة أو المشروعات والمستلزمات الزراعية كالمزارع وخلافه، ومنها ما هو مخصص للسكن بشكل يكفى لمواجهة النمو السكانى وزيادة عدد أفراد الأسرة.
علاوة على كل ما سبق من المهم منعًا لتكرار مشكلة البناء على الأرض الزراعية، محاسبة المقصرين من العاملين فى الجهاز الإدارى المحلى الحاليين والمتقاعدين، حتى لا تتكرر الأخطاء، ويكون عقاب المقصرين رادعًا لمنع كل من تسول له نفسه الرشوة أو المجاملة لقيام الغير بالبناء على الأرض الزراعية، ومنع إدخال خدمات الكهرباء والغاز الطبيعى والمياه والصرف وغيرها إلى المبانى التى تأسست على خلاف القانون. وتوفيق أوضاع بعض القائمين بالبناء بشروط محددة وغير قابلة للعبث، شرط دفع مبالغ كبيرة، يرى القائم بالبناء معها أن تكلفة البناء خارج الأحوزة العمرانية أكبر بكثير من تكلفة الالتزام بالقانون.
بهذه الوسائل ووسائل أخرى يعتقد إننا من الممكن الحفاظ على الأرض الزراعية.
عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات