الصحفيون.. وسياق الحكومة الذى انقطع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 23 أكتوبر 2024 12:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصحفيون.. وسياق الحكومة الذى انقطع

نشر فى : الإثنين 21 نوفمبر 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 21 نوفمبر 2016 - 9:50 م
الحكومة المصرية أخطأت خطأ كاملا فى كل ما يتعلق بقضية تيران وصنافير خصوصا سياسيا وإعلاميا.

من بين هذه الأخطاء القبض شبه العشوائى على مئات المتظاهرين خصوصا الشباب الذين اعترضوا على اتفاق الحكومة مع السعودية على تسليم الجزيرتين.

ولأننى لا أحب النظر لأى أمر بمنظار الأبيض والأسود فقط ــ كما يفعل الكثيرون ــ فقد كان من الملاحظ أن الحكومة وسائر أجهزة الدولة قد حاولت تصفية الميراث الثقيل لهذه القضية خلال الشهور الأخيرة.

القضاء المصرى تقريبا برأ ساحة غالبية من تم القبض عليهم على ذمة هذه القضايا وأخلى سبيل كثيرين، وعلى ما أظن لم يبق محبوسا على ذمة هذه القضية إلا أقل القليل.

على سبيل المثال لا الحصر، تم إخلاء سبيل المحامى الحقوقى مالك عدلى، وبعده الزميلان عمرو بدر ثم محمود السقا.

هذا المسار الإيجابى لم يكن يتعلق فقط بقضية تيران وصنافير، بل بقضايا أخرى كثيرة. فقد تم الحكم مثلا بإخلاء سبيل العديد من الناشطين الذين ألقى القبض عليهم فى قضايا ذات صبغة سياسية مثل اسراء الطويل قبل شهور، والباحث اسماعيل الاسكندرانى وكان ذلك يوم الأحد الماضى، وقبله تم إخلاء سبيل كثيرين غير معروفين.

رأينا أيضا إخلاء سبيل بعض المنتمين لجماعة الإخوان وحزب الوسط وغيرهم، تحت بند تدابير احترازية، وبغض النظر عن أى ملاحظات فإن نوم المتهم فى بيته تحت أى ظرف أفضل مليون مرة من كونه بالسجن، حتى لو اضطر للذهاب إلى قسم الشرطة كل يوم.

أما التطور الأبرز فكان بدء الإفراج عن بعض المسجونين تنفيذا لتوصيات المؤتمر الوطنى الأول للشباب. هذا المؤتمر أشاع روحا من الانفراج، والرهان على إمكانية إحداث نقطة ضوء مبدئية فى عتمة المجال العام المغلق.

وبالتالى فإن التوقيت والطريقة التى خرج بها الحكم على نقيب الصحفيين ألقى بظلاله الكئيبة على هذا المناخ.

مصر لن تخرج من أزمتها المستعصية إلا بإشاعة روح من التوافق والتصالح بين كل المؤمنين بالقانون والدستور والدولة المدنية، وهؤلاء بطبيعة الحال ليس من بينهم الإرهابيون الذين يريدون فرض أفكارهم المتطرفة بالقوة.

ما الذى تكسبه الدولة والحكومة وسائر الأجهزة المعنية من وجود ناشطين خلف القضبان، وما الذى تكسبه مصر من أن العالم بأكمله عرف أنه تم الحكم بحبس نقيب الصحفيين للمرة الأولى فى تاريخ البلاد؟!!.

سيقول البعض وهل يكون الثمن بمخالفة القانون؟!

والإجابة بالطبع لا. نحن نتحدث عن السياسة والمواءمة وليس عن القانون الذى ينبغى احترامه طوال الوقت لكن فى اطار احترام اشياء كثيرة ايضا!!.

سيرة مصر حتى صباح السبت كان العالم يتداولها باعتبار أن هناك فسحة من الأمل، بعد بدء إطلاق سراح ٨٢ مسجونا، معظمهم من طلاب الجانعات، ومعهم الباحث إسلام بحيرى وبعد ظهر نفس اليوم كان نفس العالم يتحدث عن مصر التى حبست نقيب الصحفيين.

هذا العالم لن يقف طويلا عند السبب التفصيلى، الذى من أجله تم الحكم بحبس النقيب واثنين من كبار أعضاء المجلس، لكنه سوف يترسخ لديه انطباع بأننا بلد يقمع الحريات الصحفية، ويسجن نقيب الصحفيين. أرجو أن يتمعن أولو الأمر وكل من يدافع عن الحكومة عند هذا المعنى، وان يتم حساب الأمر بطريقة المكاسب والخسائر، التى حدثت منذ اقتحام نقابة الصحفيين فى مايو الماضى وحتى هذه اللحظة.

بدأت الحكومة وأجهزتها سياقا جيدا بعد قضية تيران وصنافير فى ابريل الماضى، وحاولت أن تمسح بعض البقع السوداء التى تكللت بالإفراج عن الـ٨٢ شابا، ثم جاء قرار حبس النقيب ليقطع هذا السياق. فهل نأمل أن تتعلم الحكومة الدرس وتعود لوصل ما انقطع وتصلح الأخطاء التى وقعت فيها كى يتم اغلاق هذا الملف تماما؟.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي