هل تندلع حرب سودانية إثيوبية؟ - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 2:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تندلع حرب سودانية إثيوبية؟

نشر فى : الإثنين 22 فبراير 2021 - 6:40 م | آخر تحديث : الإثنين 22 فبراير 2021 - 6:40 م

من وجهة نظر د. أحمد المفتى الخبير المائى السودانى والعضو السابق فى مفاوضات سد النهضة، فإن المناوشات العسكرية الحدودية بين بلاده وإثيوبيا سوف تتحول إلى حرب كبيرة بين البلدين قد تدخل فيها مصر بسبب التعنت الإثيوبى فى أكثر من ملف، أولها إصرارها على الملء الثانى لخزان السد بدون الاتفاق مع دولتى المصب، وثانيها اخفاؤها نتائج الدراسات عن سلامة السد ومعدلات أمانه عنهما، وثالثهما تعطيش السودان وتهديد حياة أكثر من 20 مليون سودانى إذا إنهار السد بعد اكتمال ملئه.
الأكثر من ذلك، فإن الاراضى ــ بنى شنقول ــ التى بنت عليها إثيوبيا السد، هى كما يقول د. المفتى أراض سودانية أعطتها لإثيوبيا طبقا لاتفاقية عام 1902 بشرط ألا تبنى أى منشآت مائية على النيل، ومن هنا فإن من حق السودان استرداد هذه الاراضى بعد أن أخلت إثيوبيا ببجاحة ببنودها وكأنها لم تكن.
إذا ما صحت تقديرات د. المفتى بأن «حرب النيل أصبحت فعلا على الأبواب» بحسب تعبيره خلال حواره مع فضائية «العربية، فإن تدمير السد بقصفه بالطائرات، سيكون المشهد الافتتاحى المنطقى والوحيد لهذه الحرب المحتملة، والذى ستعقبه بالتأكيد تداعيات كثيرة وخطيرة، ربما يكون على رأسها تأجيج إثيوبيا لحربها الحدودية مع السودان، والتى من الأرجح أن مصر ستتدخل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر بجانب الخرطوم، خاصة إذا ما استطاعت إثيوبيا كما تزعم إطلاق صواريخ تستهدف السد العالى، وهو أمر مستبعد بحسب التقديرات العسكرية للامكانيات التى تتوافر للجيش الاثيوبى.
ومن ناحية ثانية قد تعجل هذه الحرب المحتملة بتفكيك الدولة الإثيوبية التى تتكون من قوميات متباينة ومتصارعة إلى عدة دويلات، وهو وضع تتخوف منه معظم الدول الأفريقية بحدودها السياسية الهشة وتركيباتها العرقية المتنافرة التى فرضها الاستعمار الأوروبى عليها، والتى قد تأخذ موقفا مناهضا لمصر فى المحافل الأفريقية والدولية، ليس اقتناعا بالموقف الاثيوبى ولكن خوفا من اندلاع شرارة التفكيك اليها.
أما من الناحية الدولية، فإن الرهانات الأوروبية والأمريكية تحت إدارة بايدن على العكس من إدارة ترامب، تطالب بالاستمرار فى المفاوضات بين الدول الثلاث، فى تجاهل تام لإصرار إثيوبيا على الملء الثانى لخزان السد فى يوليو المقبل، وهو ما سيفرض وضعا جديدا لن تتمكن مصر أو السودان من تغييره سواء بالحرب أو بالمفاوضات، وسيجعل اثيوبيا تهيمن على النيل بمفردها.
قد تكون الحرب هى الخيار الوحيد لوقف المخططات الشيطانية الاثيوبية للهيمنة على مياه النيل، وهو ما يفرض علينا تهيئة الرأى العام العالمى لقانونية هذه الحرب كدفاع شرعى عن النفس طبقا لمواثيق الامم المتحدة، ثم الاستعداد ــ بعد أن تضع الحرب اوزارها ــ لتقديم مشروع تنموى يجمع الدول الثلاث مع بقية دول حوض النيل لتدشين صفحة جديدة فى العلاقات ليس فقط مع إثيوبيا، ولكن مع دول القارة الأفريقية التى أهملنا علاقاتنا بها منذ عدة عقود، رغم أنها الأولى باهتمامنا لأنها عمقنا الاستراتيجى الحقيقى.

محمد عصمت كاتب صحفي