براعم خضراء وومضات أمل - بول كروجمان - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 10:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

براعم خضراء وومضات أمل

نشر فى : الأربعاء 22 أبريل 2009 - 7:03 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 أبريل 2009 - 7:06 م

 يلمح بن برنانكى رئيس مجلس محافظى بنك الاحتياط الفيدرالى «براعم خضراء.» ويلمح الرئيس باراك أوباما «ومضات أمل.» أما سوق الأسهم فيذرف الدموع.

فهل هذا هو الوقت المناسب لإعلان كل شىء بوضوح؟ هناك أربعة أسباب تدفع للحذر بشأن الحالة الاقتصادية.


الأمور مازالت تزداد سوءا. فالإنتاج الصناعى سجل لتوه أدنى مستوياته خلال عشر سنوات. ومازالت معدلات بناء المساكن ضعيفة على نحو لا يصدق. كما ارتفعت حالات حبس الرهونات مرة أخرى، بعدما كانت انخفضت مع ترقب شركات الرهون العقارية لتفاصيل خطط إدارة أوباما بشأن الإسكان. وأكثر ما يمكنك قوله إن هناك دلائل متناثرة على أن الأمور تزداد سوءا على نحو أبطأ بمعنى أن الاقتصاد لا يهبط بنفس السرعة التى كان يهبط بها من قبل بالضبط. وأعنى بمتناثرة أن الطبعة الأخيرة من «الكتاب البيج» وهو المسح الدورى الذى يصدره بنك الاحتياط الفيدرالى عن أحوال الاستثمار تظهر أن «خمسة من الأقاليم الإثنى عشر شهدت اعتدالا فى وتيرة الهبوط.» يا للسعادة!

بعض الأخبار الجيدة غير مقنعة. ففى الأيام الأخيرة، جاءت أهم الأخبار الإيجابية من البنوك التى أعلنت تحقيق أرباح جيدة فجأة. ولكن بعض تقارير هذه الأرباح تبدو نوعا ما مضحكة.

فعلى سبيل المثال، أعلن بنك «ولز فارجو» عن تحقيق أفضل أرباح ربع سنوية على الإطلاق. غير أن الأرباح المعلنة لأى بنك ليست رقما صعبا، مثلها مثل المبيعات، فهى مثلا تعتمد اعتمادا كبيرا على المبالغ التى يضعها البنك جانبا لتغطية الخسائر المتوقعة مستقبلا فى القروض. وأعرب بعض المحللين، عن شكوك كبيرة فى ادعاءات ولز فارجو، وأيضا فى قضايا محاسبية أخرى.

وفى الوقت نفسه، أعلنت شركة جولدمان ساكس عن قفزة كبيرة فى أرباحها من الربع الأخير فى 2008 إلى الربع الأول فى 2009. ولكن، وكما لاحظ المحللون بسرعة، غيرت جولدمان تعريفها لـ «الربع» (استجابة لتغيير فى موقفها القانونى)، حتى أن ــ وأنا لا أمزح معكم ــ شهر ديسمبر، الذى تصادف أن يكون سيئا بالنسبة للبنك، اختفى من هذه المقارنة.

ولا أريد أن أبالغ. فربما انقلب حال البنوك من خسائر عميقة إلى أرباح هائلة فى وقت قياسى. غير أن الريبة صارت أمرا طبيعيا فى عصر «مادوف».

أما بالنسبة لأولئك الذين يتوقعون أن «اختبارات الإجهاد» التى تجريها وزارة الخزانة، سوف توضح كل شىء؛ يقول روبرت جيبس، المتحدث باسم البيت الأبيض: «سوف ترون على نحو نظامى ومنسق، شفافية تحديد نتائج اختبارات الإجهاد هذه، وعرضها على كل المشاركين.».. أنا أيضا لا أعرف ماذا يعنيه ذلك.

ولعل هناك شكوكا أخرى لم تطرح بعد. فحتى أثناء الكساد الكبير، لم تتجه الأمور للهبوط على نحو مباشر. فقد كان هناك بوجه خاص فترة توقف فى الهبوط استغرقت نحو عام ونصف العام وهى تشبه تقريبا ما نعيشه الآن. ثم جاءت سلسلة من تعثرات البنوك على جانبى الأطلنطى، ارتبطت مع بعض التحركات السياسية الكارثية، وسط محاولة الدول الدفاع عن مقياس الذهب الذى كان يحتضر، وهوى الاقتصاد العالمى من فوق منحدر جديد.

فهل يمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى؟ حسنا، لقد تهاوى قطاع العقارات التجارية، وتشهد خسائر بطاقات الائتمان ارتفاعا حادا، وليس هناك من يعلم حتى الآن إلى أى مستوى من السوء سوف تصل الأمور فى اليابان أو أوروبا الشرقية. ونحن ربما لا نكرر كارثة 1931، غير أنه ليس من المؤكد أننا تجاوزنا الأسوأ.

وحتى عندما نتجاوزه، لن يكون قد انتهى تماما. فقد استمر كساد عام 2001 ثمانية شهور فحسب رسميا، وانتهى فى نوفمبر من ذلك العام. غير أن البطالة استمرت فى الارتفاع لفترة عام ونصف العام بعد ذلك. وحدث نفس الشىء بعد كساد 1990ــ 1991. وهناك كل ما يدعو للاعتقاد أنه سيحدث هذه المرة أيضا. فلا تندهش إذا استمر ارتفاع معدلات البطالة خلال 2010.

لماذا؟.. فى فترات الإصلاح التى تشهد انفراجة، تعود حركة التوظيف عارمة، وهذا يحدث فقط عندما يكون هناك الكثير من الطلب غير المعلن. ففى 1982 على سبيل المثال، انهار قطاع الإسكان بفعل ارتفاع أسعار الفائدة، لذلك عندما قام بنك الاحتياط الفيدرالى بتخفيض سعر الفائدة، ارتفعت مبيعات المساكن. لكن هذا يختلف عما يحدث هذه المرة فالاقتصاد يعانى اليوم من الكساد، وهو تعبير فضفاض، لأننا راكمنا الكثير جدا من الديون، وبنينا العديد من مراكز التسوق، ولا أحد فى حالة تسمح باندفاع جديد فى الإنفاق.

وسوف ينتعش التوظيف مرة أخرى فدائما ما يحدث ذلك. لكنه ربما لن يحدث بسرعة. والآن، وبعدما تسببت فى إحباط الجميع، ما هو الحل؟ إنه الإصرار. حيث يكشف التاريخ أن التفاؤل السابق لأوانه من أعظم الأخطار السياسية، فى مواجهة الهبوط الاقتصادى الحاد. فقد استجاب فرانكلين روزفلت لظهور علامات الانتعاش بخفض إدارة ترقية الأشغال إلى النصف، وزاد الضرائب؛ ولكن سرعان ما عاد الكساد بكامل قوته. كما تراخت جهود اليابان فى منتصف الطريق خلال عقد خسائرها، مما سبب خمس سنوات أخرى من الركود.

ويدرك ذلك خبراء الاقتصاد فى إدارة أوباما. وهم يقولون كل الأشياء الصحيحة بشأن مواصلة المسار. ولكن هناك مخاطرة حقيقية فى أن يولد الحديث عن البراعم الخضراء والومضات، إحساسا خطيرا بالرضا. ومن ثم، فهاكم نصيحتى، للعامة وصناع القرار على السواء: لا تحسبوا نجاحاتكم قبل أن تظهر آثارها.

New York Times News Service

بول كروجمان حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد
التعليقات