منذ بدايه السينما اتجهت أنظار صلاح أبوسيف إلى الروايات و المصادر العالمية وتحويلها إلى افلام مصرية، حتى قبل أن يتجه إلى الأدب الأدب المصرى، وكانت البداية فى فيلم «دايما فى قلبى» عن الفيلم الأمريكى «جسر واترلو»، ثم قدم «لك يوم يا ظالم» عن الرواية الفرنسية «تريز راكان» للكاتب اميل زولا، وفى ما بعد «رسالة من امرأة مجهولة» للكاتب الالمانى ستيفان زفايج, ومن بين الأدب العالمى ايضا قدم فيلمه «زوج فى اجازة» عام 1957 عن رواية بريطانية سبق ان اخرجها جوزيف لوزى عام 1954 بطولة ديرك بوجارد، أما الفيلم المصرى فهو بطولة عماد حمدى و صباح وسميحة أيوب ووداد حمدى ومعهم فريد شوقى الذى كان عليه أن يجسد دور الخارج عن القانون اللص الذى يراهن عليه أحد المحامين بأنه يمكن تحويله إلى مواطن شريف وكسب هذا الرهان رغم كل الصعوبات، أهمية التجربة تأتى فى أن المخرج المصرى انحرف قليلا عن الأفلام الواقعية التى اشتهر بها فى الخمسينيات ومنها «شباب امرأة و«الفتوة» وذلك قبل الدخول فى مرحلة تبنى أعمال إحسان عبدالقدوس، فكان «مجرم فى إجازة» بمثابة مرحلة فاصلة بين مسيرتين للمخرج الأولى هى الواقعية الشعبية والثانية هى الرومانسية الواقعية فى أفلام منها «الوسادة الخالية» و «أنا حرة» و «الطريق المسدود» قبل أن يتجه إلى مرحلة جديدة مع نجيب محفوظ فى فيلم «بداية ونهاية» و«القاهره 30»، أما النقطة الثانية فهى اختيار فريد شوقى للقيام بدور لص و هو بشكل عام نجم مفضل عند أبى سيف مثلما ديرك بوجارد نجم مفضل عند جوزيف لوزى، لكن هناك فارقا كبيرا بين النجمين المصرى والبريطانى فالأول يتسم بسمات جسمانية وأداء مركب لا يمتلكهما فريد شوقى ممثل أفلام الحركة وملك الترسو، ومن هنا تأتى غرابة التجربة لمن شاهد الفيلم الانجليزى واستمتع به، فلا شك أن صلاح أبوسيف لديه نفس القدرات التى يمتلكها لوزى لكن فريد شوقى لم يمتلك أبدا قدرات بوجارد، وعليه فقد كانت المهمة صعبة أما فريد شوقى وتحولت بعض أحداث الفيلم إلى ما يشبه أعمال نيازى مصطفى، ومنها مثلا مشهد المحاكمة التى يعلن فيها اللص انه يمكنه التوبة، وأيضا اندماج هذا اللص مع احدى العصابات التى تسعى لسرقة بيت المحامى الكبير.
لكن التشابه يتحدد فى العلاقات المتشابكة فى بيت المحامى» فهو متزوج من امرأه لعوب ترمى بشباكها على اللص، وقد أدت هذا الدور صباح باقتدار ملحوظ يؤكد انها لم تكن مطربة جميلة تغنى بقدر ما هى فى حاجة إلى العمل مع مخرجين من طراز ابو سيف الذى قدم لنا ممثلة اخرى فى احسن ادوارها على الاطلاق و هى وداد حمدى التى لعبت دور الخادمة التى تقع فى هوى اللص، وتحاول حمايته من زوجة المحامى بأى ثمن، وتلف نفسها حوله لإخراجه من كافة الازمات التى يمر بها سواء على المستوى الشخصى او فى مواجهته مع الخارجين عن القانون فى محاولة للانتصار على نفسه، و هذا امر يدفع إلى الحيرة فلماذا لم ترتق وداد حمدى إلى مصاف البطولات مثلما حدث أحيانا لممثلة من نفس الطراز هى سميحة توفيق، خاصة أنها تواجدت فى هذا الفيلم مع نساء جمعن بين الموهبة و الجمال مثل سميحة ايوب وصباح, و على كل فإن شخصية اللص هنا جاءت لتتواءم مع الادوار الاخرى فى تلك السنوات التى جسدها فريد شوقى بنجاح فى افلام مثل «النمرود»، «أرض الاحلام»، و«الأخ الكبير»، هذا النوع من الافلام يثير الحيرة حين عرضه فى قاعات الدرجة الثانية التى كانت منتشره فى مصر فى تللك الآونة، فلا شك ان هذا الجمهور لا يميل إلى ايقاع جوزيف لوزى، ولكنه يحب فريد شوقى فى «الفتوة»، ومن هنا جاءت غرابة هذا الفيلم الذى يجب مشاهدته اكثر من مرة و اكتشاف المسافة بين بوجارد وشوقى وأيضا بين لوزى و ابى سيف.