«كراود سترايك».. السمعة الأسوأ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 18 أكتوبر 2024 6:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«كراود سترايك».. السمعة الأسوأ

نشر فى : الإثنين 22 يوليه 2024 - 6:25 م | آخر تحديث : الإثنين 22 يوليه 2024 - 6:25 م

فى عام ٢٠١١ تأسست شركة «كراود سترايك» لخدمات الأمن الإلكترونى فى ولاية تكساس الأمريكية، وفى يوم الجمعة الماضى تسبب تحديث خاطئ لهذه الشركة فى إصابة العالم بما يشبه الشلل، حيث تعطلت المطارات والبنوك والبورصات والمستشفيات ووسائل النقل والإعلام، بعد أن أصيبت كل الشاشات التى تستخدم نظام تشغيل «ويندوز» التابع لشركة مايكروسوفت بالشلل، وهو عطل يصنفه البعض بأنه الأكبر عالميا.

السؤال الذى سأله كثيرون عقب هذا العطل الدراماتيكى: «ما هى هذه الشركة.. وكيف تأسست.. ومن يرأسها.. وكيف وقعت فى هذا الخطأ الفادح؟».

حينما وقع العطل يوم الجمعة فإن غالبية وسائل الإعلام العالمية تسابقت للنبش فى تاريخ الشركة، علها تصل إلى فهم «لماذا وقع هذا الخطأ الكبير؟».

طبقا للمتاح من المعلومات فى المواقع الإخبارية فإن شركة «Crowd Strike» هى شركة متخصصة فى خدمات الأمن الإلكترونى، أسسها ويرأسها تنفيذيا جورج كيرتز عام ٢٠١١ فى ولاية تكساس. المؤسس كان يعمل قبل ذلك فى شركة «مكافى» للأمن الإلكترونى، وهى تخدم ٢٠ ألف عمل فى ٧٠ دولة.

فى تصريحات صحفية فإن كيرتز قال إنه كان محبطا من الأساليب العنيفة للأمن الإلكترونى التى تركز فى أغلبها على تحليل أكواد فيروسات الكمبيوتر، وأنه بدلا من ذلك أراد ــ حينما أسس الشركة ــ التركيز على تحليل أساليب القراصنة فى اختراق وخداع النظم الإلكترونية.

كيرتز عمل على ضم العديد من الخبراء والتقنيين، بل وقراصنة سابقين، إضافة إلى مسئولين سابقين فى الأجهزة الأمنية الأمريكية مثل «إف بى آى».

التطور المهم فى مسيرة «كراود سترايك»  كان عام ٢٠١٣، حينما أطلقت منتجها الرئيسى وهو نظام «فالكون»، وهو خدمة أمنية متكاملة تنقسم لثلاثة أنواع، الأول هو أمن نقاط النهاية أى حماية الأجهزة التابعة للمؤسسة من هواتف وكمبيوتر محمولة، وذلك من خلال البرمجيات المضادة للفيروسات وغيرها.

النوع الثانى، هو الخدمات الأمنية العامة مثل المسح الدورى والبحث المستمر عن نقاط الضعف والتأمين المتكرر للأجهزة، أما النوع الثالث حسبما جاء فى تقرير لموقع «مصراوى» فهو التأمين المعلوماتى من خلال التحليل لأحدث أنواع الفيروسات والتأكد من أن عملاء الشركة مجهزون لمواجهتها.

خدمات نظام فالكون اتسعت وتطورت لتشمل اختبار قدرة الشركات على مواجهة الاختراقات والاستجابة العاجلة لحوادث الاختراق وغيرها، وطبقا لما هو منشور فإن الشركة اكتسبت سمعة جيدة حينما ساعدت فى الكشف عن هوية المخترقين الذين حصلوا على بيانات حساسة من شركة «سونى» عام ٢٠١٤ وأنهم من كويا الشمالية. إضافة إلى كشف وتتبع عمليات كبرى أخرى يقال إن مرتكبيها شنوها انطلاقا من الصين وروسيا.

المفارقة أو الطريف أن النقطة الأساسية المميزة لشركة «كراود سترايك» هى ذاتها نقطة الضعف التى تسببت فى المشكلة الأخيرة، وهى أن الشركة ركزت على السهولة الشديدة فى استخدام خدماتها مقارنة بالمنافسين، ولتحقيق ذلك فإنها اعتمدت على الحوسبة السحابية مبكرا، قبل أن تصبح شائعة.

ولكن ما هو الخطأ الأكبر؟!

طبقا لخبراء فإنه وبدلا من تركيب خوادم فى مقرات العلماء وإزالة برامج معقدة من أجهزتهم بما يتضمنه من تكلفة وتعقيدات، فإن الشركة وفرت وسيلة سهلة للتواصل بين أنظمة عملائها ومن منصة «فالكون»، بحيث تتولى الأخيرة تسجيل كل ما يحدث على شبكة العميل وتحليل البيانات ورصد الاختراقات ونتيجة خطأ فى طريقة تفاعل تحديث البرنامج الذى أصدرته «مايكروسوفت»، وقالت إنه سيوفر سرعة ودقة غير مسبوقة لكشف الاختراقات ــ فقد أصيبت هذه الأجهزة بالسكتة التكنولوجية العالمية أو «شاشة الموت الزرقاء».

يحسب للرئيس التنفيذى للشركة تأكيده أن ما حدث ليس هجوما مدبرا أو مؤامرة من طرف ثالث، بل أكد أنه تم التعرف على الخلل التقنى بسرعة وبدأ بالفعل فى إصلاحه، ورغم بدء حل المشكلة تدريجيا، وعلى عهدة كبير مسئولى المعلومات والأمن فى الشركة فإن حل المشكلة سوف يحتاج إلى وقت لأنه يتوجب على المهندسين الوصول إلى كل مركز بيانات يعمل بنظام «ويندوز»، ثم تسجيل الدخول والانتقال إلى ملف محدد وحذفه وإعادة تشغيل الجهاز بالكامل.

رئيس الشركة كيرتز قال إنه يريد الاعتذار شخصيا لكل مؤسسة أو مجموعة أو شخص طاله الضرر، ولذلك فإن الخسائر النهائية التى يقدرها البعض بتريليونات الدولارات، قد لا يكفى معها هذا الاعتذار المهذب حتى ولو أن البعض سخر من الشركة قائلا إن «الشرطى الإلكترونى» الذى كانت مهمته حماية وحراسة البيانات والأجهزة تحول إلى ضحية، ولم يستطع حماية نفسه أو الأجهزة المكلف بحمايتها.

حتى يوم الجمعة الماضى لم يكن أحد فى العالم يعرف اسم شركة «كراود سترايك» باستثناء أصحابها والمتعاملين معها، ولكن حينما حدث العطل، فقد صارت الشركة على كل لسان ودخلت تاريخ التكنولوجيا من أسوأ أبوابه.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي