لن أعود - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:15 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لن أعود

نشر فى : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:45 م | آخر تحديث : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:45 م
هناك سمات بعينها تنطبع بها أكثر الأفلام المنتجة فى فترة من تاريخ السينما، وقد توقفنا من قبل عند ظاهرة انتشرت فى نهاية الخمسينيات حيث تدور القصص حول رجل اقترب من الشيخوخة ثرى متزوج من امرأة فاتنة ولديه ربيب يرعى مصالحه، حيث تقوم علاقة آثمة بين الشاب والزوجة الخائنة، ودائما توجد هناك فتاة يتولى الرجل تربيتها وتعيش فى بيته، وتختلف قرابتها من فيلم لآخر تقع فى غرام هذا الشاب ويسعى للزواج منها إلا أن الخائنة تترصد لهما وقد ترتكب جرائم حتى تحتفظ بحبيبها لنفسها، حدث هذا فى أفلام منها: «نساء محرمات» لمحمود ذو الفقار، وغلطة حبيبى لسيد بدير، ثم لن أعود إخراج حسن رضا، كما أن هناك سلسلة أخرى من الأفلام تقوم فيها الأخت بسرقة حبيب أختها لتأخذه لنفسها كما حدث فى: ارحم حبى لبركات، وبفكر فى اللى ناسينى لحسام الدين مصطفى، فى فيلمنا لن أعود الذى كتبه كامل الحفناوى وابنه أحمد وأخرجه حسن رضا 1959 نجد هذا الرباعى، فتحى هو مهندس يعمل مديرا فى مصانع شاكر «عباس فارس» ويسكن معهم فى نفس الفيلا، التى يعيش فيها مع زوجته عالية «تحية كاريوكا» ثم يقع فى حب فتاة ناهد «سميرة أحمد» التى تولى شاكر تربيتها بعد وفاة أبيها.
هناك عدة مداخل يمكن بها تناول هذا الفيلم منها جمل حوارية بعينها رددها الأبطال فناهد مثلا تقول للمرأة التى تعتنى بها «أنا معاية الابتدائية وممكن أشتغل أى وظيفة» ما يعكس أحوال التوظيف والتعليم فى نهاية النصف الأول من الخمسينيات، كما أن أحداث الفيلم تتطلب من المهندس أن يسافر إلى سوريا، بل ويقترح على خطيبته أن يقيم هناك، باعتبار أنها فترة الوحدة السياسية بين مصر وسوريا، كما أن رجل الأعمال يضع شركاءه السوريين إلى الغذاء ويردد مصر وسوريا الآن دولة واحدة، كما أن جبل المقطم يبدو موحشا للغاية وأن أى سيارة تم فك فراملها يمكنها أن تسقط من أعلى ويموت من فيها، فى مثل هذه الأجواء أحبت ناهد فتحى واكتشفت أنه يخون شاكر بيه فى امرأته وتترك البيت التى تعيش فيه، وتذهب إلى إحدى معارفها وتقيم عندها، لكن المهندس الشاب يذهب إليها ويعترف لها بخطئه ويطلب يدها أما المرأة الخائنة فإنها توافق بشكل ظاهرى على زواج فتحى من حبيبته، لكنها أبدا لا تريد أن تتخلى عنه وتدبر خطة لقتل ناهد بعد أن فكت فرامل سيارته، إلا أن القدر جعل فتحى يركب السيارة وتسقط به السيارة لكنه لا يموت.
هذا الفيلم يعبر عن مرحلة اجتماعية وسياسية ذات ملامح بعينها فى حياتنا، ومسألة خيانة الربيب لسيده تبدو كأنها مقررة على المؤلفين، والخيانة هنا مقرونة بأن الشاب الخائن يغرم بفتاة تعيش فى المنزل الرجل الثرى، نعم هو رجل ثرى وعجوز مثلما كان حسين رياض فى أفلام مثل: «نساء محرمات» و«غلطة حبيبى»، فهو العجوز المتزوج من شابة غضة وفى بيته تقيم فتاة صغيرة السن تنافس تلك الخائنة على مشاعرها نحو حبيبها الشاب، وفى الفيملين المذكورين فإن العجوز لن يعرف أبدا مسألة الخيانة، لكن فتحى فى لن أعود يخون شاكر بيه عن عمد ويمكنه الاستمرار فى ذلك لو كانت ناهد فى حياته، ولا شك أن محمود ذو الفقار قد بدأ هذه الظاهرة رنة الخلخال حين تزوج الأب «عبدالوارث عسر» من فتاة شابة شديدة الإثارة وجاءت لتسكن معه فى المنزل وترمى شباكها على ابنه المتزوج من فتاة تفتقد إلى ما يسمى بلهيب الجسد، وعلى كل فإن نهايات مثل هؤلاء النسوة تكون مفجعة ويشعر العجوز بأنه فعل أمرا يجب التوبة عنه لتستقر الحياة.
التعليقات