منذ عدة أسابيع أعلنت منظمة الهجرة الدولية عدد المقيمين والمهاجرين فى مصر برقم 9 ملايين نسمة، وهذا العدد يعتبره البعض يقل بمقدار مليون أجنبى عن العدد الذى قدرته تلك المنظمة.
ورغم توزيع عدد الـ 9 ملايين على 133جنسية، ما يشكّل نحو ثلثى دول العالم، إلا أن التركيز كان على 4 جنسيات رئيسة، شكلت ما يربو من 80% من عدد المقيمين. الأولى السودانيون وعددهم نحو 4 ملايين، والسوريون 1.5مليون، واليمنيون والليبيون بنحو مليون. ولا يصعب على أحد بمجرد معرفة تلك الجنسيات الأربع أن يدرك سبب اللجوء، وهو حجم المشكلات التى تعانى منها تلك البلدان جراء الخلافات السياسية بها.
ما سبق من أرقام يشير إلى أن 8.7% من السكان فى مصر هم من المهاجرين وغير المصريين، وأن عدد هؤلاء زاد بنسبة 43% منذ عام 2019 حتى الربع الثالث من العام 2022، حيث كان هذا العدد وقتئذ 6.3 مليون مقيم.
ولم يأت كل هذا العدد الكبير إلى مصر مباشرة، إذ إن هناك الكثير منهم قد جاء عبر دولة ثالثة أو أنه أقام فى دولة أخرى، لكنه بغرض لم الشمل أو سهولة العيش قرر القدوم إلى مصر. هذا الأمر الأخير هو ما يفسر أن أعمار هؤلاء الـ 9 ملايين متوسطها 35 عاما، أى ممن هم فى سن الشباب القادر على التنقل الدائم.
ويقيم هؤلاء الناس فى 15 محافظة مصرية، لكنهم يتركزون بنسبة 56% فى المحافظات الحضرية وبالأخص القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية. وهذا أيضا ما ينقلنا إلى طبيعة عملهم، حيث تقل نسبة الإعالة بين معظمهم.
وبشأن العمل، يلاحظ وجود نحو 15% فقط من الملايين التسعة من الضعفاء أو الجديرين بالاهتمام والمساعدة. وعلى العكس من ذلك يوجد نحو 30 ألف سورى تقدر جملة أعمالهم واستثماراتهم فى مصر بمقدار مليار دولار. وهذه الجنسية تحديدا هم من أكثر الجنسيات المقيمة نشاطا، فمنذ ست سنوات تقريبا لم يكن غريبا أن يلاحظ المرء فى إشارات المرور تسول هؤلاء، لكن بسبب عقلية هؤلاء التجارية، ورغبتهم فى إنهاء تلك الظاهرة السلبية، انغمست غالبيتهم العظمى فى أعمال تجارية كثيرة على رأسها امتلاك أو استئجار محلات تقديم الحلويات والوجبات الجاهزة، بشكل أذهل الكثيرين، لا سيما عند عقد مقارنة بينهم وبين الشباب المصرى. ففى الحالة الأخيرة، يلاحظ المرء ارتفاع معدل البطالة بين الشباب المصرى، لكون معظم هؤلاء (ولا يزالون) من غير الراغبين فى التدرج فى الدخول والرواتب التى تعرض عليهم فى البداية على عكس السوريين.
وبالنظر إلى علاقة عدد المقيمين بمدة الإقامة. يلاحظ ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية أن 94% من عدد المقيمين المقدر بـ 9ملايين متواجدون على أرض مصر من 15 سنة فأقل، وأن 60% متواجدون من أقل من 10سنوات، و6% مقيمون أكثر من 15 سنة. وهذة الفئة الأخيرة على قلتها هى أكثر الفئات اندماجا بين المقيمين.
وعلى سيرة الاندماج، فإن القوانين المصرية التى كانت تتشدد فى السابق فى منح الجنسية للمقيمين، أصبحت أكثر سهولة أخيرا، حيث تم منح الجنسية للمقيمين المتزوجين من مصريات، كما تم منح الجنسية لأبناء هؤلاء. منذ عامين فقط وبسبب المشكلات الاقتصادية التى تعانى منها الدولة منذ جائحة كوفيد 19 وما تلاها من مشكلات، أصبحت الدولة تتساهل أكثر فأكثر فى منح الجنسية للمقيمين. ففى مارس 2020 تقرر منح الجنسية لكل من يقم بإيداع 250 ألف دولار محول من الخارج فى البنك المركزى، أو من يحول مليون دولار من الخارج كوديعة فى ذات البنك مدة 3 سنوات، تسترد بعد ذلك بالجنيه بسعر الصرف الحالى، أو من يحول من الخارج إلى البنك المركزى 750 ألف دولار، يتم حفظها كوديعة دون فائدة بنكية لمدة 5سنوات، يتم استردادها بسعر الصرف الحالى بالجنيه، أو من يقيم أو يشارك فى مشروع استثمارى بنسبة لا تقل عن 40% من رأس المال، ومبلغ لا يقل عن 400 ألف دولار، وفق شروط معينة، أو من يقم بشراء عقار مملوك للدولة أو لأى من الأشخاص الاعتبارية بمقابل مالى لا يقل عن 500 ألف جنيه، يتم تحويله من الخارج، وفق شروط محددة.
وفى جميع الأحوال فإن المقيم أيا كانت جنسيته فهو يحصل على الخدمات التى تقدمها الدولة للمصريبن، بما فيها الخدمات المدعومة، وهو ما يجعل مصر لها الحق فى الحصول على دعم دولى لاستضافة هذا العدد الضخم الذى يقى بلدان أوروبية الغنية الكثير من مخاطر الهجرة غير الشرعية.