من ينقذ مؤلف أغنية شبابيك - سيد محمود - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:11 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من ينقذ مؤلف أغنية شبابيك

نشر فى : الثلاثاء 23 يناير 2024 - 7:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يناير 2024 - 7:45 م

أتمنى أن تسامحنى عائلة الشاعر الكبير مجدى نجيب لأنى سأكشف سر الأزمة الصحية التى ألمت به خلال الاسبوعين الماضيين والتى أدت إلى انتقاله لغرفة العناية المركزة بإحدى مستشفيات الدقى.
وخلال هذه المدة لم تتحسن الحالة كثيرا بل ساءت ومعها الحالة المالية للاسرة التى انفقت ما لديها من مال لتغطية نفقات العلاج، كما ساهمت نقابة الصحفيين بمبلغ محدود جدا فى حدود ما تسمح به لائحة النقابة.، وهو مبلغ لا يكفى لتغطية تكلفة يومين فقط من أيام العلاج.
وعلى الرغم من مساعى الصديق خالد البلشى نقيب الصحفيين للبحث عن حلول أخرى فإن الموقف لم يتغير كثيرا. لم تعرف إدارة المستشفى أنها أمام حالة استثنائية لشاعر كبير تتطلب المزيد من الرعاية وهذه حقوق يفترض أن تكون متاحة أمام جميع المواطنين لكننا نعرف كيف تسير الأمور. لم يعرف طاقم التمريض فى المستشفى أن نصف الأغنيات التى أحبوها لمحمد منير من تأليف هذا الرجل الذى يرقد امامهم بلا حول ولا قوة. لان مجدى نجيب لديه عزة نفس يعرفها كل من اقترب منه، لم تفكر عائلته فى طلب الدعم والمساعدة من أحد، سواء من نجوم الغناء الذين ساهم مجدى بكلماته فى صنع مجدهم أو من مؤسسات الدولة فى وزارة الثقافة أو من نقابة الموسيقيين أو جمعية المؤلفين والملحنين كما لم تشأ إبلاغ وسائل الإعلام لطلب الدعم السريع.
اعرف ان ظروفا شخصية كانت وراء انتكاسات صحية متعددة بعد ان عاش محنة فقد الابن وهى محنة ليست بعدها محنة، وبصفتى أحد من ساهم مجدى نجيب فى صنع وجدانهم اثق كثيرا فى وجود مئات الأيدى المخلصة التى تستطيع المساعدة فى علاجه، لكن أمر كهذا لابد فيه من تدخل الدولة عبر مؤسساتها المختلفة للحفاظ على كرامة مبدعيها وهذا ابسط ما يستحقه مجدى نجيب الشاعر الرمز الذى كتب الكثير من الأغنيات الوطنية العذبة الخالية من ابتذال المعنى.
فقد كتبت هنا عدة مرات مذكرا بقيمة مجدى نجيب، وذكرت انه لم يأخذ من الإعلام ما يستحق من حضور ولولا مقابلة تلفزيونية طويلة ويتيمة لظل وجها غامضا إلى الأبد أمام غالبية عشاق أغانيه وأشعاره التى تغنى بها كبار النجوم من أمثال عبدالحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد وسعاد محمد وصنعت شهرة محمد منير. منذ ديوانه الأول صهد الشتاء ومع توالى أعماله الأخرى ومنها: الحب فى زمن الحرب وليالى الزمن المنسى ــ 1974 ومقاطع من أغنية الرصاص 1976 وغاب القمر وممكن 1996 ووش يشبه حزننا بدا واضحا أن نجيب اختار مسارا مختلفا فى كتابته لشعر العامية، لا يتقاطع مع القضايا الكبرى التى كان يرسخ لها الشعراء الكبار أمثال فؤاد حداد وصلاح جاهين، بل وبعض شعراء جيله ومنهم الأبنودى وسيد حجاب وعبدالرحيم منصور وفؤاد قاعود، فقد أراد أن يبقى على استقلاليته الفنية التى بقيت معه وعكست أشعاره شكلا من أشكال القلق الوجودى معلنة اعتزازها بثقافة السؤال وانحاز صاحبها للشك على حساب اليقين الذى شاع أيامها.
وقلت إن أشعاره الغنائية وجدت استجابة لدى المطربين الذين أرادوا أن يكونوا مختلفين وخارج السياق العام تحت زعم تبنى الأغنية البديلة. وتجسد أغنيات مثل: (شبابيك / سؤال / غريبة ومش غريبة / راح أغنى ولازمنى)، هذا الاختيار بجدارة وتكاد تمثل قطعية كاملة مع الميراث السائد فى الأغنية المصرية عبر تاريخها.
من كل قلبى أتمنى أن تمتد يد الدولة وترعى شاعرنا الكبير وتقدم له ما يستحق فهو الرقيق الخجول الذى على خلاف كثيرين لم يستثمر موهبته فى التقرب من سلطة أو نجم وظل فى حالة، معتزا بما يملك من كرامة وعطاء ونبل فريد.