قبل أن يصل إلى «محطته الأخيرة».. تلقى حوار الإخوان المسلمين مع أحزاب المعارضة، حول التعديلات الدستورية والإصلاح السياسى، ضربات موجعة، لدرجة أن البعض اعتبره مؤامرة إخوانية تستهدف الضغط على الحزب الوطنى للحصول على أكبر عدد من المقاعد فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة،
فى حين راجت شائعات عديدة حول «صفقة انتخابية» بين الإخوان والوطنى، تحصل بمقتضاها الجماعة على 25 مقعدا فى البرلمان، مقابل عدم تأييدهم للبرادعى.. وقد ساهم فى اشتعال هذه الشائعات، الإفراج عن المتهمين فى تنظيم القطبيين، وعلى رأسهم محمود عزت، نائب المرشد والدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد.
كنت أظن أن مثل هذه الحوارات سوف تسهم فى تطبيع علاقات الإخوان مع الأحزاب، لتسقط حجة أصوات فى الحكومة تحذر من أن السماح بقدر أكبر من الديمقراطية سوف يأتى بقوى غير ديمقراطية للحكم، سوف تقيم حكما دينيا ديكتاتوريا.. لكن ماصاحب حوار الإخوان مع عدد من الأحزاب خلال الأيام الماضية، كشف عن تدنى مستوى الأداء السياسى، حيث تورطت الكثير من قيادات الأحزاب فى توزيع الاتهامات العشوائية على الإخوان، ودخلت فى مكايدات لا تخلو من انتهازية لتحقيق مصالحها عند الحكومة، وتحول الحوار إلى «سويقة» تجمع، فى فوضى غير خلاقة، بين الشرفاء والانتهازيين وما بينهما من المغرر بهم، لدرجة أن كثيرا من قيادات الصفين الثانى والثالث فى عدد لا بأس به من الأحزاب، دخلت هذا المزاد، لعلها تصل إلى الصف الأول.
مشكلة الإخوان الحقيقية تتعدى التشكيك فى نواياهم الديمقراطية أو اتهامهم بتزوير انتخاباتهم الداخلية الأخيرة بالتلاعب فى هيئة الناخبين، أو أن مكتب الإرشاد يمارس ديكتاتورية فجة ويغتصب سلطات مجلس الشورى.. لكن مشكلتهم الحقيقية هى خلطهم المتعمد بين ما هو دينى مقدس وما هو سياسى يخضع للمساومات والمناورات..
فعلى سبيل المثال، قبول الإخوان المشاركة فى برلمان يعرفون جيدا أن انتخاباته كانت مزورة أمر مقبول سياسيا، ولكنه بالقطع مرفوض دينيا من جماعة ترفع شعارات «الإسلام هو الحل» و«القرآن دستورنا»، فهل الإسلام والدستور القرآنى يبيحان سرقة إرادة الناخبين، أو على الأقل السكوت عن هذه السرقة؟! وهل سرقة أصوات الناخبين تختلف مثلا عن سرقة أموالهم فى عرف الإخوان؟
نحن بحاجة فعلا إلى الحوار مع الإخوان، بقدر حاجة الإخوان لهذا الحوار.. فلعلنا نصل فى النهاية لتكوين حزب سياسى بمرجعية إسلامية، نثق فى إيمانه بتبادل السلطة.. ولنا فى التجربة التركية أسوة حسنة!
mesmat@shorouknews.com