مجزرة القضاء.. وصفقة الشاطر - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مجزرة القضاء.. وصفقة الشاطر

نشر فى : الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 8:00 ص

لو صحت فعلا التصريحات المنسوبة إلى خيرت الشاطر، بأنه يؤيد عقد صفقة، يتم بموجبها الإفراج عن الرئيس السابق حسنى مبارك مقابل دفعه «مبالغ مالية»، بعد إجراء استفتاء شعبى، فإننا نكون أمام ضربة إخوانية جديدة للقضاء، لن تقل خطورة عن حصار المحكمة الدستورية، أو ذبح السلطة القضائية بالتدخل فى شئونها بطرق غير قانونية وغير شرعية.

 

قد يكون مبارك يستحق البراءة طبقا لأدلة الاتهام الضعيفة التى حوكم بسببها خلال ثورة يناير فى قضايا قتل المتظاهرين، خاصة ان المحكمة تصدر حكمها بناء على توافر الأدلة التى تدينه من خلال الأوراق المعروضة امامها، ولا تستطيع أن تحيد عن هذه الأدلة، وإلا يكون حكمها خاطئا.. ولكن الجرائم السياسية التى ارتكبها الرجل طوال سنوات حكمه، واهداره للدستور الذى أقسم على احترامه، ورعايته لمؤسسات الفساد التى استشرت فى عهده، حتى أصبحت كالسرطان الذى انتشر فى كل قطاعات الدولة، تفرض على الشاطر وغيره من النافذين فى دولة الاخوان، أن يبحثوا فى كيفية عقد محاكمات عادلة لمبارك على هذه الجرائم، لا البحث عن طريقة لإطلاق سراحه مقابل حفنة دولارات أيا كانت قيمتها، فنحن بهذه الطريقة فى التفكير نهدر دولة القانون، ونفرغ ثورة يناير من قيمها النبيلة، لنعلى من شأن البيزنس، والتجارة الحرام، والفلوس الملوثة بالدم!

 

هذه التصريحات المنسوبة للشاطر، تكشف بجلاء عن استهانة الإخوان بمؤسسة القضاء، كما أن هذه التصريحات تتسق أساسا مع حرب «تكسير العظام» التى تشنها الجماعة على القضاء تحت لافتة «التطهير» والتى تستهدف فى الأساس تصفيته من قضاته الكبار، تمهيدا لأخونته، وبناء مؤسساته برجال موالين للإخوان، فى تكرار لنفس السيناريو الذى حدث مع الداخلية، ويجرى على قدم وساق مع الإعلام.

 

إذا كان الإخوان فعلا يريدون تطهير القضاء، فإن هناك مليون طريقة للوصول إلى هذا الهدف، قد يكون على رأسها إجراء حوار مجتمعى حول القضية يشارك فيه القضاة أنفسهم، وإيجاد آليات واضحة وشفافة لاجتثاث القضاة الفاسدين، وقبل ذلك إبعاد القضاة عن الشأن السياسى، والحرص على توقيرهم واحترامهم، ثم تسهيل قيامهم بعملهم، وإيجاد السبل الكفيلة بتسريع إجراءت الفصل فى القضايا التى يمكث الكثير منها فى المحاكم سنوات طويلة، تضيع فيها حقوق الناس فى اجراءات يمكن اختصارها لعدة أشهر قليلة، لو خلصت نية الإخوان فعلا فى إصلاح شئون القضاء فى مصر.

 

ما يريده الإخوان حقيقة هو تسوية الأرض لإقامة دولتهم فى مصر، ولكنهم فى سعيهم المحموم لتحقيق هذا الهدف، يرتكبون أخطاء وخطايا جسيمة، لا يدركون أبعادها الحقيقية، فهم نجحوا بالفعل فى السيطرة على وزارة الداخلية ولكنهم، نشروا الفزع فى شوارعنا التى غاب عنها الأمن، وهم يريدون السيطرة الآن على مؤسسة العدالة، دون أن يهتموا بأنهم سينشرون الظلم.. ودون أن يدركوا ان انتشار هذا الظلم سيطيح بمشروع دولتهم رأسا على عقب!

محمد عصمت كاتب صحفي