تجد الناخبات أو الناخبون الأمريكيون العرب أنفسهم وأنفسهن فى مأزق سياسى وأخلاقى غير مسبوق فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. فالجمهوريون منهم كانوا يصوتون لمرشح الحزب الجمهورى لأنه يمثل قيمهم فى التدين والحفاظ على العائلة وما يسمونه «الفضيلة». هذه القيم لم يعد لها وجود لدى المرشحين الجمهوريين، ويستطيع الناخب العربى أن يرى أن زعيم الجمهوريين مدان قضائيًا بالاعتداء الجنسى على امرأة، وقبل سنوات تباهى بأنه يستطيع أن يقبض بيده على الأعضاء الحساسة لأى امرأة لأنه مشهور. كما يعرف الناخب العربى أن الجمهوريين باتوا يتاجرون فى قضية الإجهاض وزواج المثليين فقط، لتحقيق مكاسب انتخابية فى أوساط المسيحيين الأمريكيين.
أما الناخبات أو الناخبون الأمريكيون العرب الديمقراطيون، فاختيارهم مرشحى الحزب الديمقراطى يأتى من قناعاتهم المتحررة وإيمانهم بضرورة فصل المؤسسات الدينية عن الدولة وقناعتهم بالحريات الفردية والمساواة بين جميع المواطنين والمواطنات. ويأتى ذلك أيضًا من التوازن الذى تبديه الإدارات الديمقراطية تاريخيًا حيال القضايا العربية والصراع الفلسطينى-الإسرائيلى.
بيد أن صورة الحزب الديمقراطى تشوهت بإصرار الرئيس بايدن على التمسك بمنصبه قبل أن يتراجع عنه بعد ضغوط، وهو ما يذكّر الناخب العربى بزعماء البلاد التى فرّوا منها إلى «بلاد الحرية». ولا يصدق الناخبون والناخبات العرب أنه لا يوجد بين الديمقراطيين رجل أو امرأة آخران قادران على قيادة دفة البلاد وإنقاذها من الفاشية سوى رجل عجوز يبدو عليه بوضوح أن ملكاته الذهنية تتراجع بتسارع ملحوظ.
أخيرًا، يتبارى الحزبان الجمهورى والديمقراطى فى تأييد إسرائيل فى حرب الإبادة التى تخوضها ضد المدنيين والمدنيات فى غزة (والضفة الغربية). ويرى الناخبون والناخبات العرب أن كلَى الطرفين لا يرف لهما جفن وهما يشاهدان المستشفيات والمدارس والبيوت تدمر والغذاء والدواء والماء يندر والكرامة البشرية تداس. فيجد هؤلاء الأشخاص أنفسهم غريبين عن السياسة الأمريكية التى كانوا جزءًا منها، ولا يرون لأنفسهم مخرجًا.
فى مواجهة رجل ذاهل متمسك بالسلطة ويرى بعين واحدة، وآخر بلطجى يداعب الأفكار الدكتاتورية ولا يخجل من إعجابه بحكام كوريا الشمالية وروسيا والمجر، ولا يمانع فى إجراء تغييرات جذرية على دور المؤسسات الأمريكية وطبيعة عملها (كما يبين مشروع 2025 بصراحة)، هنالك خيارات أخرى، لمرشحين مثقفين ومدركين واقع أمريكا والعالم وقادرين على قيادة دفة السفينة، لكن من دون حظ كبير.
من هؤلاء الدكتورة جيل ستاين، البالغة 73 عامًا، وهى طبيبة وناشطة بيئية، ترشحت سابقًا للرئاسة فى عامى 2012 و2016، وتحاول اليوم مجددا تقديم خيار للناخبين «خارج النظام الحزبى الفاشل».
تدعو ستاين إلى اتخاذ «إجراءات حاسمة» لمعالجة تغير المناخ، وتدعم صفقة خضراء جديدة، تهدف إلى الاستثمار فى الوظائف والصناعات المستدامة لمكافحة تغير المناخ وتعزيز الاقتصاد.
وتنتقد ستاين وحشية الشرطة وتدعو إلى مزيد من التدريب على تكتيكات حل النزاعات. كما أنها تدعم السيطرة المجتمعية على الشرطة، وسبق أن أيدت حظر الأسلحة الهجومية. وفى حملتها لعام 2016، دعت ستاين إلى إلغاء الديون الطلابية ودعم التعليم المجانى فى الكليات العامة.
تدعم ستاين كذلك مشروع قانون حقوق اقتصادية يشمل وظائف بأجر معيشى، الإسكان، الطعام، الرعاية الصحية، التعليم، وبرامج أخرى. وتدعو إلى اقتصاد يفيد الجميع، وليس فقط الأثرياء وأصحاب النفوذ.
وتنتقد ستاين كلَى الحزبين لدعمهما «آلة الحرب التى لا تنتهى». كما أنها تدعو إلى سياسة خارجية تركز على حقوق الإنسان وتعارض «العنف والاحتلال والفصل العنصرى»، ودعت مرارًا إلى وقف إطلاق النار فى إسرائيل.
تدعم ستاين نظام الرعاية الصحية للجميع وتعميم نظام Medicare ليشمل جميع الأمريكيين والأمريكيات، بما فى ذلك الرعاية الصحية النفسية ورعاية الأسنان والرؤية. وتشمل الرعاية الصحية كحق فى مشروع قانون الحقوق الاقتصادية الخاص بها.
كما تدعم ستاين مسارًا أوسع للحصول على الجنسية للمهاجرين والمهاجرات، وتنتقد السياسات الأمريكية التى تسهم فى أزمات الهجرة، وتؤيد حقوق الإجهاض. كما انتقدت الحزب الديمقراطى لعدم تشريع حماية حقوق الإجهاض عندما كانوا يسيطر أعضاؤه على الكونجرس والبيت الأبيض، واتهمتهم بجمع التبرعات على حساب قضية الإجهاض بدلًا من اتخاذ خطوات ملموسة لحماية هذا الحق.