فى أواخر الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات انتقلت الكاميرات إلى أماكن متطرفة من القطر المصرى، وتم تصوير مناطق صحراوية عبر سيناء، والبحر الأحمر، والنوبة، والوادى الجديد، وهى المناطق التى كانت تعتبر اماكن نائية بسبب صعوبة السفر اليها مع عدم وجود قطارات، وعدم تدبير مياه النيل للعائشين هناك، والاعتماد على المياه الجوفية، من هذه الأفلام «سمراء سيناء» و«سلطان» إخراج نيازى مصطفى ، و«الاعتراف» لسعد عرفة. و«بلا عودة» اخراج ريمون نصور، وقد اخرج حسام الدين مصطفى فيلمين متتاليين هما «صراع فى الجبل» 1961، و«رجال فى العاصفة 1960، وقد ظلت هذه المناطق بعيدة عن قصص الافلام فى السبعينيات باستثناء «فتاة تبحث عن الحب» لنادر جلال حتى صارت لهذه الأماكن أهمية سياحية فكانت هى الموقع الذى تم فيه تصوير أغلب الأفلام فى القرن الحالى.
شتان بين الصورتين فى فيلم «رجال فى العاصفة» وأفلام القرن الحالى، ويبدو المشهد قاسيا فى بداية الفيلم الذى يدور فى المحاجر، فهناك قطار طويل ينقل الحجارة، وفى اعلى احدى العربات رجل يمسك بندقية، وينوى سرقة المحولجى العجوز المعوز،
إنه مكان جديد على السينما، وكما اشرنا إلى ان أماكن التصوير فى الفيلمين المشار اليهما قريبة للغاية، ولهذا السبب فإن المخرج استعان بعدد قليل من الممثلين ليعملوا معه باعتبار انه لا يعيش فى المنطقة سوى أهل الجبل، ومهندسين قادمين من الوادى، ولذا فإن البطولة فى الفيلمين لكل من رشدى اباظة ومحمود المليجى، أما النجمتان فإن لهما نفس المقاييس من الجمال والجاذبية، الأولى هند رستم فى «رجال فى العاصفة» والثانية برلنتى عبدالحميد فى «صراع فى الجبل«»، وكلا الفيلمين يعتمدان على امرأة لعوب ترمى بشباكها على رجل كى تستولى على أمواله باعتبار أن هناك رجلا سوف يخلصها من زوجها بالقتل.
وهكذا فإننا أمام قصة واحدة تنفسم إلى فيلمين بأبطال مكررين دون أى جديد، والغريب ان حسام الدين مصطفى كرر التجربة مرة أخرى وهو يقدم فيلمى «الحرافيش«»، و«شهد الملكة» عام 1986، حيث استعان بأبطاله مجددا واستفاد من الديكور والمكياج والمكان فى عمل فيلمين أيضا معا.
الفيلمان متشابهان فى الحدوتة والاشخاص، والمصائر، وأمام اغراء المرأة فإن شخصا يتخلى عن أخيه من خلال مكائد امرأة يدفعها الشرير كى تفصل بين الأخوين، وذلك فى فيلم «صراع فى الجبل» الذى شارك فى بطولته محسن سرحان، أما المرأة الثانية فانها تنقل إلى عشيقها أخبار زوجها العجوز، وهى التى تخونه مع مساعده، والاسرتان هنا تعملان فى المحاجر، بما يعنى أن الأماكن تفرض الحدوتة وعدد الاشخاص، الأماكن متسعة لكنها قفر، أما الاشخاص فلا يرون أبعد من الافق الأبيض، ولا توجد أى نبتة خضراء واحدة تبعث على الأمل، كما لا توجد اسرة بالمعنى التقليدى، لاأطفال ولا مدارس، والتفكير الاساسى فى الجريمة والاستيلاء على أموال الاخرين وبالتالى فان كاتبى السيناريو فى الفيلمين وهما محمد عثمان فى «رجال فى العاصفة، وكامل الحفناوى فى «صراع فى الجبل»، لم يحاولا البحث عن مكان قريب به سكان، مثلما فعل كاتب فيلم «امرأة فى الطريق» الذى تم انتاجه فى الفترة نفسها، وعليه فإننا امام نوع من الأفلام قد لا نفهم آليتها الا بمشاهدتها معا، وربطها بطاقم العمل، والفترة التى تم فيها الانتاج.
فقط، حاول استرجاع اسماء المشاركين فى الفيلمين من خلال المعروض على الشاشة وستجد الأسماء هى نفسها، وفى فيلم
صراع فى الجبل «اشارة إلى الوجه الجديد ريرى، التى تقوم بدور الحبيبة البريئة، وفى الفيلم الآخر اسم سناء مظهر كوجه جديد أيضا لتقوم بدور زوجة لرشدى اباظة، أى الشخصية التى يجسدها، وعليه سيكون رشدى اباظة هو صاحب الوجه بالغ الغلظة المناسب لأدوار العاملين بالمناجم، والصحراء، والأماكن النائية مثلما رأيناه فى الفترة نفسها فى أفلام «امرأة فى الطريق«»، و«بلا عودة» و«تمر حنة» وغيرها.