غزة.. والمعادلة المختلة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 1:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة.. والمعادلة المختلة!

نشر فى : الجمعة 23 أغسطس 2024 - 6:05 م | آخر تحديث : الجمعة 23 أغسطس 2024 - 6:05 م

صرخات التحذير الدولية بشأن تفاقم الأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة على نحو كارثى، جراء حرب الإبادة والتجويع الصهيونية، وتزايد عزلة الاحتلال عالميًا، وملاحقة قادته كمجرمى حرب، يبدو أنها لا تزال غير كافية لإقناع بعض الدول العربية بوقف أو حتى إبطاء حركة التبادل التجارى مع الدولة العبرية.

ووفقًا لتقرير أصدره «معهد السلام لاتفاقات إبراهام»، ونشرته وكالة «قدس برس» الفلسطينية الأسبوع الماضى، فقد «سجل حجم التبادل التجارى بين دولة الاحتلال وبين خمس دول عربية ترتبط بعلاقات سلام مع تل أبيب، نموًا ملحوظًا خلال النصف الأول من العام الجارى، وبلغ ما يقرب من مليارى دولار»، مشيرًا إلى أن «الأرقام التى تم تسجيلها تعكس ديناميكية العلاقات التجارية فى المنطقة»، معتبرًا أن «تعزيز التعاون الاقتصادى الإقليمى يظل عاملاً أساسيًا فى تحقيق الاستقرار والازدهار والسلام فى الشرق الأوسط على المدى الطويل» على حد زعم المعهد!.

هذا الزخم فى العلاقات التجارية بين الكيان الصهيونى وبعض الدول العربية، يأتى فى وقت تتراجع فيه فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى القطاع، جراء رغبة رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو ــ المدعومة أمريكيًا ــ مواصلة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فى غزة، والمستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضى، والتى أدت إلى استشهاد أكثر من 40 ألف شخص معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن إصابة نحو 93 ألفا آخرين، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفى الطرقات حيث لا يمكن الوصول إليهم.

المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لويز ووتريدج، رصدت حجم اليأس المتزايد لسكان القطاع جراء العدوان الإسرائيلى المتواصل، وقالت فى تصريحات لوكالة فرانس برس من غزة: «يبدو فعلاً وكأن الناس ينتظرون الموت. ويبدو الموت الأمر الوحيد المؤكد فى هذا الوضع»، مشيرة إلى أنه: «لا يوجد مكان آمن فى قطاع غزة.. لا يوجد أى مكان آمن إطلاقًا. الوضع مفجع تمامًا».

من جهته، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) من أن الوضع الإنسانى الكارثى فى قطاع غزة يتدهور، بسبب الموجات المتكررة للنزوح، وظروف الاكتظاظ، وانعدام الأمن، وانهيار البنية التحتية، واستمرار الأعمال العدائية، ومحدودية الخدمات. وذكر المكتب فى بيان يوم الثلاثاء الماضى أن «استمرار الأعمال القتالية وأوامر الإخلاء والنقص الحاد فى المواد الضرورية يزيد صعوبة حصول الأسر النازحة على الخدمات الأساسية فى المواقع التى يصلون إليها».

أما المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة فقد ذكر أن «إسرائيل والولايات المتحدة تستخدمان بشكل صريح سياسة التجويع ومنع الغذاء ضد المدنيين فى القطاع كوسيلة للضغط السياسى»، مشيرا إلى أنه «منذ أكثر من 100 يوم، يواصل جيش الاحتلال، بضوء أخضر أمريكى، إغلاق معبر رفح الحدودى بين فلسطين ومصر، بعد أن قام بإحراقه وتجريفه وإخراجه عن الخدمة، وذلك فى إطار هندسة جريمة الإبادة الجماعية التى يشنها الطرفان ضد المدنيين فى غزة».

ما سبق هو جزء يسير من تفاصيل الصورة الأوسع والأكثر سوداوية ومأساوية فى العصر الحديث، حيث يُباد شعب عربى يوميا بالقنابل والحصار، وسط صمت دولى مهين، وسقوط أخلاقى مخز للضمير الإنسانى العالمى، وكأن من يتم ذبحهم ليس لهم حق فى الحياة مثل أى شعب آخر فى هذا العالم.

إنه واقع صادم ومعادلة مختلة للغاية، يضاعف من حجم وقوة تأثيرها وتداعياتها السلبية الهائلة على الفلسطينيين فى غزة، تلك اللهفة من جانب بعض الدول العربية لزيادة حركة التبادل التجارى مع دولة الاحتلال، وكأن ما تعرض له الفلسطينيون من مجازر وتجويع وهدم لمنازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم على مدى أحد عشر شهرا، لا يعنيهم أو يخصهم من قريب أو بعيد.

ترك الفلسطينيين وحدهم فى ظل هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية ليس فى مصلحة الدول العربية على الإطلاق، ومن ثم لابد من استخدام جميع الأدوات السياسية والاقتصادية المتاحة بينهم، ومنها الضغط بورقة العلاقات التجارية مع دولة الاحتلال، لوقف حرب الإبادة الصهيونية، حتى لا ينفذ نتنياهو واليمين المتطرف فى إسرائيل خططهم الرامية إلى تهجير الفلسطينيين وإشعال الإقليم بالحروب التى ستصيب شظاياها الجميع بلا استثناء.

التعليقات