أم العروسة - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 4:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أم العروسة

نشر فى : الجمعة 24 يناير 2020 - 10:15 م | آخر تحديث : الجمعة 24 يناير 2020 - 10:15 م

لا، لن أخرج هذه المرة عن الخط العام لهذه الكتابات، وأتوقف عند الفيلم الشهير «أم العروسة» لعاطف سالم 1963 المأخوذ عن رواية بالغة الطرافة للكاتب عبدالحميد جودة السحار، فالناس قد شاهدته مرات كثيرة، لعل من حسنات الفيلم أن المؤلف كتب رواية «الحفيد» التى تعتبر بمثابة الجزء الثانى من الأحدث التى أخرجها عاطف سالم 1974، دون أن يكون هناك ممثل واحد فقط من العاملين بالجزء الأول، فقد تغيرت الحياة والناس، رغم ان أحداث «الحفيد» بدأت ليلة عرس أحلام وجلال، أى أنها تحمل أجواء الستينيات وما بها، لكن الفيلم أحداثه فى منتصف السبعينيات.
الحديث اليوم عن التمثيلية الاذاعية «أم العروسة» التى كتبها فايز حلاوة قبل عرض الفيلم بفترة قصيرة، على أغلب تقدير، فالبطولة المطلقة هى لنادية الجندى التى كانت زوجة لعماد حمدى فى عام 1963، وهى الفترة التى عملت فيها الزوجة بشكل مكثف مع زوجها فى أكثر من عمل فى السينما، التمثيلية الاذاعية اخراج محمود يوسف، وشارك فى البطولة رجاء الجداوى التى جسدت دور نبيلة.
وقبل التحدث عن التمثيلية الاذاعية يجب الاشارة أبضا إلى أن الرواية نفسها تحولت إلى مسلسل تليفزيونى بطولة عماد حمدى وزهرة العلا وفاطمة مظهر وشهيرة، بما يعنى أنه تم إنتاجه فى فترة قريبة من انتاج فيلم «الحفيد».
نتحدث اليوم عن تمثيلية إذاعية، وليس عن فيلم، باختصار لأننى اكتشفت الآن أن السينما هى الفن المدلل لدى الناس، والنقاد، وأنه إذا كانت لدينا مئات الموسوعات والكتب عن الفن، فإن الدراما الاذاعية والتلفزيونية تكادان تكونان محرومتين من هذا الشرف، كما ان لدينا قوائم أفضل مائة فيلم، وليست هناك قوائم مماثلة للدراما فى الاذاعة والتلفزيون، ولعل المهتمين بالأمر يعرفون أن الدراما الاذاعية كانت واسعة الأطر، وأنها قدمت عيون الأدب المصرى والعالمى إلى الناس قبل السينما، كما أن هناك أعمالا قدمتها الاذاعة لم تجرؤ السينما على الاقتراب، ومنها «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ.
الأمر باختصار.. أن التمثيلية الإذاعية «أم العروسة» هى الأكثر حيوية وجاذبية من الفيلم عديد من المرات، وقد كانت تحية كاريوكا هنا مليئة بالتوقد مهما رأيناها فى الفيلم، بل يمكنك اعتبار أن الأم فى الفيلم كانت صورة باهتة منها فى العمل الاذاعى، رغم أنها الممثلة نفسها، ينطبق الأمر ايضا على مشهد الختام فى التمثيلية.
نعم، الدقائق الأخيرة فى التمثيلية التى تصور زفاف احلام فى بيت ابيها مليئة بالحيوية من خلال الغناء الجماعى للمدعوين إلى الحفل، فقد بدا فايز حلاوة هنا أكثر قدرة على الاضحاك، فالناس سعيدة ولديها استعداد لتكون بالغة البهجة، أما الفيلم فقد جعلنا بمسألة التوتر الذى عاشه أبوالعروسة، وهو ينتظر أن يتم القبض عليه بسبب المبلغ الذى اختلسه للمساعدة فى تجهيز بيت الزوجية، وتبين أن زميلا فى المصلحة قد سدد قيمة المبلغ، ونحن لا نقلل من اسلوب المعالجة السينمائية فهو انسانى جدا، لكن خاتمة العمل الاذاعى تصير أكثر قبولا، رغم كل ما تتمتع به السينما من سحر الصورة، ورغم قدرة عاطف سالم على تحريك كل هذا العدد من الاشخاص، خاصة الأطفال المراهقين. فإن نهاية العمل الاذاعى قد امتعتنى أكثر، غم أن فايز حلاوة المتوقد مسرحيا لم يكتب للسينما، وكان ثقيل الظل فى أدواره كممثل سينمائى فى افلام، منها الكرنك، والأحضان الدافئة، وكما نرى فهذا الموضوع قد تعاملت معه وسائل الابداع كثيرا، وكان الموضوع نفسه سببا مؤكدا لخلق عمل جذاب، ومنها الروايتان لعبدالحميد جودة السحار، وعدد من الأفلام الأمريكية، تابع منها فيلم «عريس من جهة أمنية»، والمسلسل «أبو العروسة» المقتبس من عدد من أفلام أمريكية، قديمة وحديثة، منها فيلم قام ببطولته سبنسر تراسى، وأفلام معاصرة تمثيل ستيف مارتن، بالاضافة للاقتباس من واقع الحياة، فليس هناك أب لم يسلم ابنته لعريسها وهو يبكى بعد أن امتثل للعرف الاجتماعى والضغوط المادية التى تصاحب الخطوبة، وزواج الابنة بشكل ملحوظ، ولذا فإن النص الأدبى الواحد تحول إلى جميع اشكال الدراما وكان عماد حمدى هو أبوالعروسة، أما تحية كاريوكا فكانت الأم الأكثر حضورا، بل إن المؤلف نفسه أحس بعبقرية النص الأدبى فكتب «الحفيد»، ولو عاش اطول لكتب المزيد حول الموضوع نفسه. ففى كل اسبوع من حياتنا هناك عشرات العرائس اللواتى يكررن القصة الجميلة، وعروس اليوم ستكون بالتأكيد يوما ما أم العروسة.

التعليقات