قبل أن يصبح النيل بحيرة إثيوبية! - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 11:32 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن يصبح النيل بحيرة إثيوبية!

نشر فى : الإثنين 24 مايو 2021 - 7:15 م | آخر تحديث : الإثنين 24 مايو 2021 - 7:15 م
أيام قليلة ــ ولا أقول أسابيع ــ وستتمكن إثيوبيا، اذا نجحت فى تنفيذ الملء الثانى لخزان سد النهضة من دون اتفاق قانونى وملزم، من تحويل الشعارات التى أطلقها بعض مسئوليها منذ أكثر من سنة بأن النيل سيصبح «بحيرة إثيوبية»، إلى حقيقة ماثلة على أرض الواقع، لتصبح بعد ذلك القوة الإقليمية العظمى فى المنطقة، رغم ضعف بنيتها الاقتصادية والعسكرية وهشاشة بنيتها الاجتماعية والعرقية.
إثيوبيا فى هذه الحالة ــ ولأول مرة فى التاريخ وإلى الأبد ــ قد تستطيع فعليا تعطيش مصر وإنهاء وجودها الجيوسياسى المستقر من آلاف السنين، وليس فقط فرض شروطها عليها ببيع المياه وبالحصص التى تحددها هى وحدها، أو فرض توجهات سياسية علينا لن نستطيع أن نرفضها فضلا حتى عن ان نعارضها أو حتى نتفاوض معها بشأنها!
الملء الثانى سيسلب منا أى قدرة على التعامل معه عسكريا، وحتى الذين يراهنون على إمكانية مساعدة الحركات الاستقلالية فى إقليم بنى شنقول الذى يقع فيه السد لكى ينفصل عن إثيوبيا ونغل يدها عنه، يتناسون أن العصابة الحاكمة فى اديس أبابا لن تتوانى عن ضرب ابناء الإقليم بمنتهى الوحشية، ولن تتورع عن ارتكاب مجازر وجرائم حرب بشعة بربرية ضدهم، فقد فعلت ذلك ولاتزال تفعل مع أبناء التيجراى دون ان يحرك العالم ساكنا إلا بدعوات خجولة لوقف هذه المجازر.
قبل أن تبدأ فى بناء السد نفسه، كانت إثيوبيا تتهمنا بالهيمنة على نهر النيل منذ آلاف السنين، وبعد أن بدأت فى بنائه نصحتنا بوقاحة بأن نكف عن التصرف وكأننا دولة نهرية، وأن نعيش الواقع بأننا دولة صحراوية، وأن نعيد تكييف حياتنا بناء على هذه الحقيقة، وكأنها دعوة لقتل 50 أو 60 مليون مصرى، حتى تكفى مياه النيل لبقاء الملايين الباقية منا على قيد الحياة!!
كل المسئولين الإثيوبيين يقولون الآن بصراحة تامة انهم لا يعترفون بالحصص التاريخية ــ التى يسمونها استعمارية ــ المخصصة لمصر، ويختلف الخبراء المصريون فى الكمية التى تخطط اثيوبيا لقطعها عن مصر، وان كان وزير رى سابق يتوقع قطع 63% من هذه الحصة، ولا يمكن استبعاد اقدام إثيوبيا على هذه الخطوة فعلا، وأن المسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، خاصة وأنها تخطط أيضا لبناء 20 سدا على النيل الأزرق خلال السنوات المقبلة، وشرعت فعلا فى التعاقد مع شركات غربية لبناء بعضها.
الملء الثانى على عكس ما يرى بعض المسئولين المصريين يمثل خطرا وجوديا داهما على مصر، لا ينبغى أن نسمح به بأى شكل من الأشكال ومهما كانت العواقب والادانات او حتى العقوبات الدولية، فهى كلها نستطيع احتمالها والمناورة بشأنها من أجل تخفيف آثارها.
الوقت يداهمنا ونحن نراهن على التفاوض، وكأننا نضع رقبتنا تحت رحمة الجلاد الإثيوبى، ونستبعد خيار تدمير السد رغم أنه الطريق الوحيد الذى ليس أمامنا غيره.
ms2463724@gmail.com
محمد عصمت كاتب صحفي