أفريقيا تختتم انتخاباتها الرئاسية - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 7:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أفريقيا تختتم انتخاباتها الرئاسية

نشر فى : الخميس 24 ديسمبر 2020 - 10:00 م | آخر تحديث : الخميس 24 ديسمبر 2020 - 10:00 م

وسط أجواء كوفيد19 جرت فى غرب افريقيا خمسة انتخابات رئاسية، كان آخرها قد أعلنت نتيجته منذ أسبوعين. الأقليم الذى يضم مجموعة الإيكواس، جرت فيه انتخابات فى توجو فى فبراير، وغينيا وساحل العاج فى أكتوبر وبوركينا فاسو فى نوفمبر وغانا فى ديسمبر. ورغم أن كثيرين يعتقدون أن مجرد إجراء الانتخابات هو دليل على حسن المسار الديمقراطى، إلا أن الانتخابات هى واحدة من آليات التحول الديمقراطى المرتبط أيضًا بمناخ التعددية، وحرية الرأى، ووجود مجتمع مدنى متمدين، وقضاء مستقل، وإعلام حر.
مشكلات البلدان الخمسة محل الانتخابات، هى جزء من مشكلات البلدان الأفريقية جنوب الصحراء، والمؤكد أن وباء كوفيد19 جاء ليكمل الضغوط المفروضة على تلك البلدان.
الدول الأربع الأولى يجمعها الاستقلال عن الاستعمار الفرنسى، أما غانا فقد نالت استقلالها عن الاستعمار البريطانى. وإلى الآن فإن البلدان الخمسة عانت وتعانى من أزمات الشرعية والتكامل القومى والمشاركة والتوزيع والهوية والتغلغل.
لقد أدى الوضع المذرى بحال تلك البلدان إلى أنها لم تكن فقط فى أدنى سلم مؤشرات التنمية البشرية المتصلة بالفساد وغياب الشفافية والأمية وتدهور الحالة الصحية والتعليمية للسكان وانقطاع الخدمات فى أغلب الأحوال فقط، بل وأيضًا وعلى الصعيد السياسى وجود حالة من عدم الاستقرار السياسى، الناتج عن الحكم العسكرى لجميع تلك البلدان فى أوقات مختلفة، وتعثر عمليات التحول الديمقراطى الذى استمر لسنوات قليلة بتلك البلدان، بفعل الانقلابات المتتالية، ما أدى لأزمات إنسانية مستفحلة، أحدها وأكثرها شدة أزمة اللاجئين.
كانت بداية أزمة انتخابات2020 فى الدول المعنية، هى تعديل الدستور للظفر بولاية رئاسية ثالثة. وهو ما تم فى توجو فى مايو2019 لإعادة ترشح الرئيس فوريه سينجبى، وهو أبن الرئيس الأسبق أياديما. وكذلك ترشح الرئيس حسن وتارا، والمنتهية ولايته أيضا فى ساحل العاج. وكذلك تغيير الدستور فى سبتمبر2019 فى غينيا لإعادة ترشيح الرئيس ألفا كوندى لولاية ثالثة. المهم أن كل تلك الأمور ترافقت مع تبريرات من قادة تلك الدول إلى أن تعديل الدستور يعنى تصفير مدد الرئاسة السابقة وبدء العد من جديد لمدتين جديدتين.
لكن هذا الوضع لم يتكرر فى بوركينا فاسو التى تعج باللاجئين الماليين، إذ أدى اقتحام المعارضة للبرلمان إلى عدم تعديل الدستور لفرض الولاية الثالثة للرئيس بليز كومباورى، حيث يترشح الرئيس الحالى روش مارك كريستيان كابورى لولاية ثانية، كما لم يحدث أى تغيير فى غانا حيث يعاد ترشح الرئيس نانا أكوفو أدو.
توجو ترشح فيها ستة من كبار المعارضين للرئيس «سينجبي» وكان أشدهم خصومة وأقواهم فى الشارع أجبيومى كودجو زعيم حزب الحركة الديمقراطية والتنمية الوطنى ورئيس الوزراء السابق. وفى ساحل العاج، كان هناك ثلاثة مرشحين منافسين لحسن وتارا، على رأسهم الرئيس السابق للدولة هنرى كونان بدييه. وفى غينيا، ترشح 24 منافسًا للرئيس كوندى، وكان أكثرهم شعبية سيليو دالين ديالو المنتمى لقبيلة الفولانى. أما بوركينا فاسو، فقد كان هناك 14مرشحًا أبرزهم وزير المالية الأسبق زيفيرين ديابرى. أما انتخابات غانا، فأبرز المنافسين كان الرئيس الغانى السابق جون ماهاما.
فى كل الانتخابات السابقة فاز رئيس الدولة، وسط اتهام كبير للمعارضة بتزوير الانتخابات فى جميع البلدان. واليوم تقف تلك البلدان على حافة مشكلات كثيرة، إذ إنه رغم تمرير الاستحقاقات الانتخابية عقب تعديل الدستور فى توجو وساحل العاج وغينيا، فمن المرجح أن تشهد تلك البلاد موجات واسعة من عدم الاستقرار، بسبب المناخ الاستبدادى فيها، ربما باستثناء غانا إلى حد ما، حيث تشهد مناخًا ديمقراطيًا هو الأفضل والأهم. بالطبع ستزداد المشكلات اقترابًا إذا ما اختفى الرؤساء الحاليون لتلك البلدان من الحياة السياسية وهم فى السلطة سيما وأن معظمهم من كبار السن.
أن الأمل فى خلاص تلك البلدان من حالات التوتر وعدم الاستقرار يكمن بالأساس فى دعم السلوك الديمقراطى لأنظمة الحكم فى تلك البلدان، فكما ذكر أنفًا أن أجندة البقاء فى السلطة هى أمر يرتبط بشخصنة الحكم وعدم الاعتراف بالمعارضة وضعف المؤسسات والقمع المتزايد والربط بين المنصب والثروة وغياب تقاليد الخلافة السياسية الديمقراطية، وكل ذلك عوامل عدم الاستقرار إلى جانب انتشار العصبية والقبيلة التى يتم الرجوع لها فى كل وقت سعيًا لتنفيذ أجندة البقاء. وبطبيعة الحال، من المهم أن يلعب الاتحاد الأفريقى دورًا فى كل هذه الأمور، فيرسخ عدم شرعية انتقال السلطة بالانقلابات، ويمنع تعديل الدساتير للظفر بولايات رئاسية أخرى.

عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات