لا يوجد بند فى الدستور يلزم رئيس الجمهورية بتغيير الحكومة بعد انتخابه، لكن المواءمة هى التى تتطلب ذلك، خاصة أن السلطة ما فتئت عقب إعلان انتخاب الرئيس السيسى تضع السياسات الجديدة التى تهدف إلى تنفيذها خلال الفترة من 24ــ2030، ومن ثم ستبقى الحاجة إلى تحديد المخاطب بغرض تنفيذ نلك السياسات مرغوبة أو مطلوبا تحديدها، لا سيما وقد نفدت كافة جميع السبل فى أيدى الحكومة الحالية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية.
من حيث الشكل، فإن مواد 241 مكرر و234 و146 و150 و150مكرر، هى أبرز المواد المحددة لتشكيل السلطة التنفيذية بعد انتخاب الرئيس. م241 مكرر تشير إلى انقضاء مدة ست سنوات من تاريخ إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة عام 2018 كدليل على بدء مدة الرئاسة التالية، أى 2 إبريل 2024. م 234 تتحدث عن أن تعيين وزير الدفاع يتم بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. المادة 146 تتحدث عن تشاور الرئيس مع رئيس الوزراء، حال اختيار الأخير من حزب أو ائتلاف الأكثرية بغرض تعيين وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.
أما المادة 150 فهى تحدد العلاقة بين الرأسين رأس الدولة رأس الحكومة، فتقول إن السياسة العامة للدولة تتم بالاشتراك بين الطرفين، وهما المشرفان على تنفيذها.
وبالنسبة للمادة 150 مكرر، فهى فى غاية الأهمية على الرغم من كونها لا علاقة لها بالحكومة، إذ تشير إلى أن رئيس الدولة يجوز له أن يعين نائبا له أو أكثر. أهمية تلك المادة هى أنه كلما اقتربنا من استحقاق 2030، أصبح من المهم ــ لا سيما وأن الأحزاب ربما لم تكن قد أعدت مرشحين للرئاسة على قدر من المسئولية ــ تدريب آخرين من نواب الرئيس منذ اليوم على إمكان خوض تلك الانتخابات.
فى الشكل أيضا، يبدو من الأهمية بمكان عدم التركيز على البعد الاجتماعى فى اختيار الوزراء الجدد، كالسن والجنس والدين، فهذه الأمور من المؤكد أنها ستراعى بشكل أو بآخر كما يحدث فى كل اختيار، لكن الأكثر أهمية هو أنه لا مانع أن تكون الحكومة من أطياف سياسية مادام هؤلاء من المتخصصين البارزين فى مجال أعمالهم الاقتصادية أو الخدمية.
موضوعيا، فإن اختيار حكومة جديدة تغييرا أو تعديلا يجعل المرء أمام حتمية النظر إلى الماضى لمعالجة سلبياته، ومدى قدرة الجهاز الوزارى الجديد على تجاوز تلك السلبيات. العنصر الحاكم ــ إن لم يكن الأبرز ــ فى عملية الاختيار هو معالجة الهم الاقتصادى، الذى استوحش بشكل غير مسبوق بعد الانخفاض المتتالى لقيمة العملة المحلية، وارتفاع نسبة التضخم، وزيادة حجم الدين، وزيادة أو استسهال الاقتراض من الخارج، والخلل فى الميزان التجارى، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وضعف الأجور والمرتبات، والحاجة إلى المزيد من دعم الطبقة الدنيا. ناهيك بالطبع عن بعض الأمور الاجتماعية والخدمية شديدة الأهمية وعلى رأسها التعليم والصحة وأمن مصر المائى.
جميع تلك الأمور من المؤكد أنها تحتاج إلى أفكار جديدة، ودماء جديدة، والأهم من كل ذلك تحتاج إلى سياسات جديدة. بمعنى آخر فإن البلاد تحتاج إلى مجلس وزراء صاحب رؤى وسياسات، وليس مجلس من الموظفين أو المنفذين. مجلس يسعى إلى حل كافة المشكلات السابقة، أو على الأقل تجميد تأثيراتها السلبية، وذلك كله عبر جدول زمنى ملزم، وبرنامج حقيقى يحصل على ثقة أغلبية مجلس النواب، بعد مناقشة مستفيضة تخلو من التصفيق والشعارات الرنانة.