احتقان أمريكى: أسبابٌ «تخدمُ» بايدن و«تُسقط» ترامب - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احتقان أمريكى: أسبابٌ «تخدمُ» بايدن و«تُسقط» ترامب

نشر فى : السبت 25 أبريل 2020 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 25 أبريل 2020 - 9:30 م

نشر موقع 180 تحليلا للكاتب «ضيف حمزة ضيف»، تناول فيه التداعيات الاقتصادية جراء تفشى الجائحة فى أمريكا، وما تأثير ذلك على فرص نجاح ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولماذا يزداد بايدن المرشح الديمقراطى قوة فى هذا الوقت!!، جاء فيه ما يلى.

يلقى فيروس كورنا (كوفيدــ19) بظلاله الثقيلة على الولايات المتحدة، فقد قاربت نسب المسرّحين من العمل لسببٍ أو لآخر: 10% من نسبِ القوّة العاملة فى الولايات المتحدة جميعًا، ومن المتوقّع أن تصل إلى 20% خلال الأسابيع القادمة. ما يشيّ بوضعٍ داخلى صعبٍ واحتقانٍ أهلى متوقّع.
ما عمّق جراح الأزمة السياسيّة/ الاقتصاديّة الأمريكية أكثر، هو أنّ دونالد ترمب ماطلَ 70 يوما من تاريخ تلقيه بيانات تفيد بخطورة الوضع وبين الشروع فى خطة عاجلة لتقليص الخسائر الناجمة عن انتشار الجائحة، فمنذُ «العهد الجديد» الذى بشّر بهِ روزفلت سنة 1936 لم يحدث هذا النوع الحادّ من التخبّط العام فى كل الولايات الأمريكيّة.
وبرغم أنّ الإدارة الحالية خصّصت ما يناهز 2.2 تريليون دولار كغلاف مالى إنقاذى مؤهل للمواجهة، لا يزال الوضع يبارحُ مكانهُ والغضب يراكم نفسه رويدا رويدا فى انتظار «الكتلة الحرجة» التى يعتملُ تحتها: إمّا عقاب انتخابيّ أو فوضى أهليّة.. والأرجح أنّ هذا «العقاب الانتخابى» سيكون فى مصلحة المرشّح الديمقراطى جون بايدن، الذى حصد دعما ثمينا تلقّاهُ من قبل المرشح المنسحب بيرنى ساندرز.
لقد استفاد بايدن كثيرا من انشغال الرأى العام الأمريكى بالكارثة التى ألحقتها كورونا بالأمريكيين، فقد طوى التجاهل ادّعاء السيدة تارا ريد، ومفادهُ: أنّ بايدن قد تحرّش بها فى ممرّ مجلس الشيوخ قبل ثلاثين عاما.. وبدت الصحافة متجاهلةً للقصة إلى حدّ ما ومنسحبة إلى مفاعيل كورونا أكثر، ومكتفية بملاحقة القضيّة بالاعتماد على الرواية التى سردتها تارا ريد، والتى بدورها بدت منقوصة من شهادة الشهود، أولئك الذين لا تمتلك الصحافة الحقّ فى «إجبارهم» على الإدلاء بشهاداتهم، كما لا يسعها التأكد من مقرّرات الشرطة فى الجانب الموازى.
يستمدّ بايدن قوّتهُ داخليا من الآتى:
أولا: الضعف الذى يعانى منهُ ترمب جرّاء مضاعفات تفشى وباء كورونا ومعاناة الولايات المتحدة من تفاقم عدد الإصابات ونسب الوفيات.
ثانيا: عدم امتلاك ترامب أيّ تصوّر أو خطة مواجهة أو طوارئ، فى حين تمكّن بايدن من التخطيط لكل ما ينجمُ عن هذا الوباء مستقبلا.
ثالثا: استفادة بايدن من انسحاب غريمه بيرنى ساندرز الذى استفاد كثيرا بدوره من المرشحة الراديكاليّة إليزابيت وارن بعد الهزيمة التى مُنيت بها فى الانتخابات التمهيديّة للحزب الديمقراطى. وبالتالى يكون بايدن قد استفاد من شغور مكان الاثنين.
رابعا: تطمين جو بايدن للأثرياء فى جلسات خاصة أثناء جمع التمويلات الماليّة للحملة الانتخابيّة؛ أنْ لا شيء سوف يتغيّر حالَ فوزه بالانتخابات الرئاسيّة المقبلة، المزمع إجراؤها يوم الثلاثاء فى الثالث من نوفمبر 2020. فى حين قدّم هجوما حادّا فى إطار الاستهلاك المحلى ومغازلة الطبقتين المتوسطة والفقيرة فى أمريكا أثناء خطابٍ ألقاهُ سنة 2018 هاجم فيه محاولات خفض الضرائب على الأثرياء، وتقليص برنامج «ميديكير»، وهو البرنامج الفيدرالى الذى يوفر التأمين الصحى للأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاما أو أكثر، بالإضافة إلى بعض الأشخاص الأصغر سنا من ذويّ الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يعانون من فشل كلوى دائم، والذين يحتاجون إلى غسيل الكلى أو عملية زرع، تلك التى تُسمّى أحيانا بمرض الكلى فى نهاية المرحلة (ESRD)، والتى تعتبر قانونيًا فى الولايات المتحدة: إعاقة. والجدير بالذكر أنّ برنامج Medicare خدم فى عام 2012 ما يقرب من 50 مليون مستفيد، معظمهم من كبار السن، وفى عام 2009 بلغ إجمالى الإنفاق على الرعاية الصحية الفيدرالية 471.2 مليار دولار.
خامسا: يمثل جو بايدن وإيمى كلوبوتشر؛ وسط الحزب الديمقراطى. فيما تمثل إليزابيث وارن يسار الحزب الديمقراطى، بينما يوجد بيرنى ساندرز فى يسار يسار الحزب الديمقراطى، وكان يصف نفسه بـ«الديمقراطى الاشتراكى». وبهذا يحتل بايدن مظهر المعتدل فى نظر كثيرين ممّن ينتمون إلى الحزب الديمقراطى ويتحفّظون على يسار وارن وساندرز، فضلا عن جحافل الغاضبين من أداء الجمهوريين.
سادسا: استخلاص بايدن للكثير من الآراء والأفكار والرؤى والتصوّرات بخصوص ما يُعرف ببرامج «الرعاية الاجتماعيّة»، لا سيما ولع ساندرز بـ«النموذج الدنماركى» برغم ما فيه من تزايد هامش الضريبة على حساب ارتفاع الدخل.. غير أنّ بايدن أولى اهتماما عاما بكل تفاصيل «النموذج الشمالى»، وتحرّى مع ساندرز وإنْ لم يتفقا تماما؛ ما كتبهُ كلٌّ من الدنماركيّة: لينى ريتشل أندرسن والسويدى: توماس بيُركمان فى مؤلّف هامٍ، عنوانهُ: “The Nordic Secret: A European story of beauty and freedom“، ونفى فيه مؤلّفاهُ اشتراط الانسجام الأهلى والعرقى فى تأمين نهضة اجتماعيّة قائمة على تساوى الفرص وسيادة القانون واحترام البرامج بحسب اختلاف الفئات المجتمعيّة، ثقافيا وعمريا وصحيا كذلك.
سابعا: شهد العالم أوّل مكافأة انتخابيّة لطبقة سياسيّة؛ أحسنت التعامل مع وباء كورونا فى كوريا الجنوبيّة، حيث فاز حزب الرئيس الكورى الجنوبى مون جاى (الحزب الديمقراطى ــ يسار الوسط) وحليفه فى الانتخابات التشريعيّة بالأغلبيّة المطلقة والمريحة فى الجمعيّة العامة منذ 12 عاما، وكسرت نسبة المشاركة رقمها القياسى أيضا، إذ بلغت 66.2%، وهى النسبة التى لم تتحقّق فى البلاد منذ 28 عاما.
وبرغم أنّ مون جاى لم يقدّم ما عليه اقتصاديا، كما ينبغى، ولم ينجح فى «انفتاحه» على بيونغ يانغ، لكنّ الأداء الذى قدّمهُ حيال وباء كورونا قد ساهم فعلا فى رأب تلك الصدوع الخفيفة، وكان الوباء «فرصة» انتخابيّة، شئنا ذلك أم أبينا.
والحال الأمريكى لن يختلف كثيرا إذا طبّقنا ما يُعرف فى الرياضيّات بـ«البرهان بالعكس النقيض»، فالناخب الأمريكى ينظر من فرجة الكفّ إلى ما يحدث فى دولةٍ نموذجيّة لطالما تحدّث عنها الإعلام الأمريكى وأثنى على طريقة تعاملها، بوصفها رائدةٌ و«ملهمة»، بدايةً بالكشوف المبكّرة لأعراض الإصابة فى الخيم العشوائيّة فى الشوارع، وانتهاءً بوسائل العناية الصحيّة فى المشافى الحكوميّة والخاصة على حدّ سواء.

النص الأصلى:

التعليقات