اليوم ونحن نناقش النظام الانتخابى لمجلس النواب والمجالس المحلية فى جلسات الحوار الوطنى لابد من البحث عن حل.
الناخبون الذين لا ذنب لهم فى هذا النظام الانتخابى، هم من يتحملون معاناة الطريقة الراهنة لتمثيل الكوتات السبع عبر نظام القائمة المطلقة.
بالطبع الحديث هنا لا يجرنا للدستور، الذى يتوجب أن يقوم من تسبب فى عقدة الكوتات، أن يأتى ويفكها، ولا ينتظر أى كيان خاص أو عام، بما فى ذلك المحكمة الدستورية أن تحلها وتفكها. عشرة عُقد فى الدستور بشأن نظام انتخاب مجلس النواب، وعشرة فوقها بشأن المحليات.
العُقد المشار إليها ربما أصبحت ذريعة لتقرير نظام انتخابى سيئ للغاية، ولا غضاضة هنا أن نستخدم كلمة ذريعة، لسبب بسيط وهو أن نظام انتخاب مجلس الشيوخ لم يشر فيه الدستور إلى أى كوتات، باستثناء القانون الذى أتى بكوتة واحدة للمرأة، ورغم ذلك فإن ثلث المجلس ينتخب بالقائمة المطلقة، لذلك فالكوتات أصبحت ذريعة للقائمة المطلقة، وإلا لكان نظام انتخاب الشيوخ كله بالقوائم النسبية أو بالفردى أو الجمع بينهما.
والسؤال لماذا يسعى البعض لاستخدام نظام انتخابى هجره العالم كله، باستثناء جيبوتى والكاميرون، هل مصر تستحق أن تكون فى تلك المكانة؟
الناظر بشكل سريع إلى القوائم الأصلية والاحتياطية للمترشحين على القائمة الفائزة بتلك الانتخابات، لا يخطئ العين عندما يرى الاسم هنا والاسم الاحتياطى الموازى له فيجده أحيانا للأقارب أو لمنتمٍ إلى ذات العائلة الكبيرة للمترشح. ترجم ذلك فى انتخابات مجلس النواب مرتين حتى اليوم، وسيترجم هذا الشهر بحالة ثالثة فى مجلس الشيوخ، هذا بالطبع ناهيك عن حالات القرابة المتواجدة الآن داخل عديد أشكال العضوية بالمجلسين وبينهما!!.
المحكمة الدستورية ذاتها رفضت نظام القوائم المطلقة فى ثلاثة أحكام حكم لانتخابات مجلس الشورى عام 1989، وبه أسقط النظام الانتخابى الذى انتخب على أساسه المجلس منذ عام 1980، وحكمان يخصان انتخابات المحليات. فى القائمة النسبية كان سبب الحكم بعدم دستورية برلمانها فى شهرى مايو 1987 و1990 هو عدم قدرة الأفراد على الترشح، وهى حجة أصبحت باطلة اليوم بعد أن أصبح تأسيس الأحزاب بالإخطار، وبعد أن أصبح يحق للجميع المشاركة فى القوائم النسبية.
بالطبع المشكلة كما ذكرنا أكبر فى المحليات، لأن الكوتات وضعت بها للعضوية فى المجالس ككل، ربع المقاعد للشباب وربعها للمرأة ونصفها للعمال والفلاحين، ولولا تداخل الصفات، لأدت تلك الكارثة إلى منع ترشح الفئات من الموظفين، وأرباب المعاشات، والشخصيات العامة، ورجال الأعمال، والمهنيين، وغيرهم. لكن حتى لو ترشح هؤلاء فسيكون حظهم أنهم أقليات قليلة للغاية بالمجالس المحلية، رغم كونهم يضمون قطاعا واسعا من المثقفين.
ما يحدث اليوم هو أننا أمام نصوص لا يمكن أن تكون غير دستورية، لأن الدستور هو من أتى بها، لكن من الممكن أن نقول إنها تخالف الشرعة الدولية لحقوق الإنسان فى التمثيل والمساواة، أو أنها تمثل نوعا من التضارب مع مواد الدستور ذاته، التى تحث على المساواة وتكافؤ الفرص وعقد انتخابات حرة ونزيهة.
لا شك لدى الكثيرين أن القوائم النسبية تشكل أنسب معيار لتحقيق العدالة، سواء وحدها، أو مع النظام الفردى الذى مرد عليه الناخب المصرى. فالقوائم النسبية لا تزور إرادة الناخبين بالجملة، ويمكن بسهولة ويسر أن تحقق القوائم النسبية الكوتات التى جاء بها الدستور، إذا ما أحسن ترتيب القوى المشاركة فى الانتخابات للمترشحين بها عبر متوالية هندسية محبوكة. بحيث ينتخب الناس أسماء قوائم ولا علاقة لهم بأسماء مترشحين. هنا يجرى نقل مهمة تحديد أسماء الفائزين وتطبيق كل الكوتات على القائمين بأعمال الفرز وإعلان النتائج، وهم الهيئة الوطنية للانتخابات، التى أوكل لها دستور 2012 المعدل تلك المهمة.
إن النظام الانتخابى كلما كان معبرا حقيقيا عن إرادة الناخبين لتلك الإرادة فسيفضى بالتأكيد لدعم مشاركة الناخبين فى التصويت، حيث يشعر المواطن أن صوته له قيمة، إما إذا ما أدرك أن صوته سينتقل دون رغبته إلى القائمة التى لم ينتخبها فهذا أسرع سبيل لعزوف الناخب عن المشاركة.