البرادعي إز أي فيري نوتي بوي - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:36 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البرادعي إز أي فيري نوتي بوي

نشر فى : السبت 25 أغسطس 2018 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 25 أغسطس 2018 - 9:10 م

فعلها الدكتور محمد البرادعي مرة أخرى. كتب تغريدة فانطلقت جحافل النقاد من من كل الاتجاهات لتسخر منه. أعداء الثورة سخروا منه نكاية، وأصدقاء الثورة لا يزالوا يتحسرون على خيبة الأمل التي مناهم بها عندما فضل الانسحاب الآمن وغنيمة البعد عن "وجع الدماغ".

موضوع التغريدة قديم جديد. الرجل يحكي عن طائر صغير استثار عواطف سكان قرية يقيم بها عندما سقط من عشه، فهبوا لمساعدته. وبصرف النظر عن النقطة الفنية الخاصة بتغذية طائر صغير، وما إذا كان يرضع أو يتناول طعامه بالشوكة والسكين، فإن ملاحظة الرجل في رأيي صائبة.

وصلت الإنسانية في أماكن أخرى كثيرة حدا يدفعنا، كما دفعه، للتساؤل: ما الذي ينبغي عمله لكي نرفع من الحس الإنساني في بلد لا يزال أطفاله وكباره يعذبون الحيوانات في الحظائر والشوارع. يربطونها ويجرجرونها من العنق، أو يعتدون عليها بالضرب والإيذاء. بل وأحيانا يطال الأذى الأطفال أنفسهم خاصة لو كانوا من أطفال الشوارع أو من الباعة الجائلين، أو من المهمشين الفقراء.

لفريق مونتي بايتونز الكوميدي البريطاني فيلم رائع يحلو لي الاستشهاد به في أكثر من مشهد. اسم الفيلم هو "حياة برايان"، وتحكي أحداثه قصة شاب بهذا الاسم، ولد في القدس. اختلط الأمر على الناس فاعتقدوا أنه المسيح المنتظر الذي سيمنحهم الخلاص. وفي مشهد معبأ بالدلالات يبدأون في مطاردة "مسيحهم" برايان الذي طالما نفى في يأس أنه النبي المنتظر. يختبيء برايان في منزله الذي تصله الجموع وتحيط به وهي تهتف بحياته وتطالبه بأن يطل عليهم من شرفته.

أم برايان لا يعجبها العجب وكثيرا ما تعامل ابنها بقسوة. تغضب عندما تسمع أصوات المحيطين بالمنزل فتفتح الشباك وتطل عليهم. تعلوا أصواتهم مطالبة برؤية المسيح. فما يكون منها الأم (التي يلعب دورها الممثل تيري جونز) إلا أن تنهرهم وتصرخ فيهم بعبارة فارقة تتناقض بشكل مضحك مع هالة القداسة التي أحاطت بهتافاتهم:
Now listen to me here. He is not a messiah. He is a very naughty boy. Now go away.
"اسمعوني هنا. هو ليس المسيح.. إنه فتى شقي للغاية. الآن.. أغربوا بعيدا".

اتذكر المشهد كلما رأيت حالة التباكي الجماعية على البرادعي ودوره في كل مناسبة، والتي تنعكس أحيانا في شكل انتقادات على كل ما يصدره من عبارات أو تغريدات. الرجل كان متسقا مع نفسه في مرحلة مبكرة. آثر السلامة والابتعاد. قنع برحلة تقاعد هادئة يتخللها من حين لآخر تصريح أو تغريدة. ورغم هذا لا يزال كثيرون يحلمون بالخلاص على يديه، وبعودته الميمونة لدور اعتذر عنه لأنه لا يلائمه أو لأنه يتطلب من الجهد والتضحية أكثر مما يستطيع أن يقدمه.

أغلب مهاجمي البرادعي خرجوا من نفس صفوف الثورة التي وقف فيها الرجل يوما ما. لم يخنها ولم ينشق عليها ولم يصب عليها سهامه وإنما انتحى جانبا. هذا كل ما فعله. سهام الغضب والسخرية والنقد ما كان لها أن تنصب على تغريدة من بضع كلمات لم يكن لها من هدف سوى الدعوة لمزيد من الإنسانية. والأحرى بمن يطلقونها على الرجل في كل مناسبة أن يبحثوا لها عن وجهة أكثر اتساقا مع أهدافهم في الحرية والعدل والكرامة. أن يطلقوها نحو من ينتهكون أمن الناس وسلامتهم وصحتهم ومن ينهبون ثروتهم ويبيعون تراثهم قطعة قطعة.

آن الآوان لمحبي البرادعي والحالمين به أن يقنعوا بالدور الذي اختاره الرجل لنفسه. أن يكفوا عن مطالبته بأن يكون مسيحهم المخلص أو عن لومه لأنه عجز عن لعب دور أرادوه له.
ربما آن لهم أن يتخيلوا أم برايان وهي تخرج عليها لتصرخ فيهم:
البرادعي ليس المسيح المخلص. هي إز إي فيري نوتي بوي. ناو جو أواي.

ــ مشهد الأم من فيلم حياة برايان:

التعليقات