الأسواق ترد على سؤال الساعة.. من يفوز فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ - محمد الهوارى - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 4:30 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأسواق ترد على سؤال الساعة.. من يفوز فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

نشر فى : الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 8:00 م

للأسواق العالمية لغة يفهمها البعض وإن شارك فيها الملايين. لغة الأسواق تحدثنا عن توقعات أكثرها يتحقق وبعضها يخيب. أكتب هذا المقال قبل موعد الانتخابات الأمريكية بأكثر من أسبوعين كاملين، فالأسواق قد قالت كلمتها واضحة وصريحة ولا نحتاج إلى المزيد من الانتظار لنترجم توقعاتها. فماذا تقول الأسواق عن نتائج الانتخابات الأمريكية التى نحن على مشارفها؟

أولاً: منذ الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر ونحن نتوقع أن يرتفع أداء الدولار الأمريكى أمام عملات الدول السبع العظمى G7، وذلك لعدة أسباب منها توقعات أن الرئيس الجديد أيا كان سيزيد من عجز الموازنة الأمريكية. زيادة العجز هنا تتسبب فى زيادة مخاطر حيازة السندات الدولارية للحكومة الأمريكية، كما سيزيد نسبة النمو على المدى القريب، والعاملان كفيلان بزيادة نسبة الفائدة طويلة الآجل على الدولار وبالتالى زيادة الطلب عليه مقابل العملات الأخرى خاصة عملات باقى الدول السبع الكبرى. وقد انتظرت لأتابع مدى القوة التى سيحققها الدولار لأنها فى تقديرى تختلف طبقا لتوقعات الأسواق لمن سيفوز فى الانتخابات. وبالفعل، فالزيادة المطردة فى سعر الدولار تشير إلى توقع واضح وصريح بفوز ترامب. فهو المرشح الذى نتوقع أن يكون أكثر رعونة فيما يتعلق بالمسئولية المالية بين المرشحين الاثنين. فقد وعد ترامب بالعديد من التخفيضات فى المعدلات الضريبية دون أن يوضح طريقة تمويل هذه التخفيضات من الموازنة وذلك يعنى أن عجز الموازنة الأمريكى سيزداد بشدة تحت قيادته. كذلك وعد ترامب بفرض رسوم حمائية، غالبا ستكون شديدة الوطأة. وبينما يزعم ترامب أنه يريد أن يرى دولارا ضعيفا بهدف زيادة حجم الصادرات الأمريكية، فمن المعروف اقتصاديا أن الرسوم الحمائية هى بمثابة ضريبة على المستهلك سيكون نتيجتها السريعة والحتمية زيادة الطلب على الدولار مقابل العملات الأخرى. إذن فأكبر أسواق العالم، وهى سوق العملات، تتوقع فوز ترامب.

السوق الثانية التى نتابعها لاستقراء النتيجة هى سوق الدين وبالذات سعر الفائدة وتأثيره العكسى على سعر السندات. والارتفاع الشديد الذى شهدناه فى الأسابيع الماضية فى سعر الفائدة فى الولايات المتحدة معناه أيضا توقع ثانى أكبر سوق فى العالم وهى سوق الدين الحكومى فوز ترامب بالرئاسة، وذلك لنفس السبب التى ذكرناه أعلاه وهو توقع عجز أكبر للموازنة وكذلك ارتفاع التضخم من جراء فرض رسوم حمائية من شأنها زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالى زيادة الأسعار.

أما السوق الثالثة التى نتابعها لاستقراء نتائج الانتخابات هى سوق العملات المشفرة وخاصة البيتكوين. فقد وعد ترامب أن يجعل الريادة فى سوق العملات المشفرة للولايات المتحدة. ورغم أن هاريس حاولت القفز على المركب مبدية دعمها لهذه السوق، فقد كان وعد ترامب أوضح وأقوى. بالإضافة إلى أنه هو نفسه صاحب مصلحة مباشرة لدعم سوق العملات المشفرة وذلك حيث إن عائلة ترامب تمتلك عملة مشفرة خاصة بها عن طريق مشروع يسمى World Liberty Project. والارتفاع الأخير لأسواق العملات المشفرة يعنى أن هذه السوق أيضا على حجمها الصغير نسبيا تتوقع فوز ترامب بالرئاسة. 

أما السوق الرابعة التى نتابعها فهى سعر سهم شركة ترامب حديثة الطرح فى البورصة وهى شركة مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا DJT. فبعد أن عانى السهم بشدة بعد طرحه فى الأسواق منذ عدة أشهر، بدأ السهم فى الارتفاع بطريقة لا تعكس قدرة الشركة على تحقيق المكاسب بل فى تقديرى يعكس السهم قدرة ترامب على استغلال منصبه فى تحقيق زيادات مطردة فى أرباح الشركة.

حتى سوق البترول، فرغم ارتفاع المخاطر بشدة فى الشرق الأوسط مما يهدد أسواق البترول فقد بقى سعر البترول فى نطاق شديد الانخفاض وجزء من ذلك سببه ارتفاع الإنتاج من دول خارج مجموعة الأوبك وخاصة الولايات المتحدة والتى أصبحت أكبر منتج فى العالم مؤخرا. ومن المتوقع أن يطلق ترامب يد الشركات الأمريكية فى الإنتاج عند فوزه، فالجمهوريون هم أصحاب المصطلح الشهير «احفر يا حبيبى احفر» أو Drill baby drill  والذى يشجع على زيادة حفر الآبار لزيادة إنتاج النفط محليا وتقليل حجم الاعتماد على البترول المستورد خاصة من الشرق الأوسط وعلى حساب المخاطر البيئية والتحول إلى الاقتصاد الأخضر أو الصديق للبيئة. 

أما السوق الوحيدة التى تعطى إشارة قد تكون مخالفة فهى سوق الأسهم الأمريكية وبالأخص مؤشر الداو جونز الشهير. على مدار عقود أعطى هذا المؤشر نتائج صحيحة بنسبة تفوق الـ٩٠٪ فيما يخص نتائج الانتخابات الأمريكية التى يترشح بها رئيس جالس مقابل مرشح آخر. تقول القاعدة إنه إذا ارتفع هذا المؤشر على مدار الـ ١١ أسبوعا السابقة للانتخابات فذلك يعنى أن الرئيس الجالس سوف يفوز بإعادة الانتخاب والعكس صحيح. ونسبة الثقة فى أداء هذا المؤشر تاريخيا كما ذكرت تفوق الـ٩٠٪. وبالفعل يبدو أن المؤشر فى طريقة للارتفاع بقوة بنهاية الفترة المذكورة. السؤال هنا، هل نعتبر هاريس رئيسا جالسا؟ فى تقديرى أنها ليست كذلك. خاصة إذا نظرنا تحت غطاء السيارة كما يقول التعبير الإنجليزى الدارج Look under the hood. فالأسهم التى ارتفعت بشدة مؤخرا هى الأسهم التى ستستفيد استفادة مباشرة من فوز ترامب خاصة إذا نفذ وعده بتقليل نسبة الضرائب على الشركات.

أتذكر سنوات رئاسة ترامب بكثير من الامتعاض بسبب شخصيته الزئبقية التى كانت تجعلنى شخصيا أشعر أننى والعالم كله فوق صفيح ساخن. وبالطبع لا ننسى أنه الذى اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى. كنا نصحو كل يوم تقريبا لنجد أنه نشر رأيا مفاجئا على تويتر أو فيسبوك يتسبب فى مواجهة أو مشكلة جديدة تحرك الأسواق ونمضى أياما فى إدارة المخاطر الناتجة عن هذا الرأى أو الوعيد. ولكن مع الأسف فالأسواق تقول وهى قلما تخطئ أننا متوجهون لأربعة أعوام جديدة ــ على الأقل ــ من رئاسة ترامب الزئبقى. وأقول «على الأقل» لأنه إذا كان هناك تهديد لمؤسسة الرئاسة والديمقراطية الأمريكية وقواعدهما الثابتة فلا يوجد تهديد أوضح من دونالد ترامب.

محمد الهوارى مدير صناديق استثمار دولية
التعليقات