الغرب المتغير - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:15 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغرب المتغير

نشر فى : الأربعاء 25 ديسمبر 2013 - 7:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 ديسمبر 2013 - 7:30 ص

لا يزال هناك من يرى «الغرب» من منظور قديم، ويستخدم ذات الخطابات فى التواصل معه دون أن يدرك أن الغرب تغير من حيث إدراكه لما يجرى فى مصر، تفضيلا لمصالحه فى المقام الأول، وتعبيرا عن قدرة طرف على التواصل معه أكثر من الأطراف الأخرى. قد يستحضر البعض خطاب «المؤامرة» فى تحليل سياسات الغرب، كيف يفكر، ولماذا ينحاز؟ لكن المسألة أكثر تعقيدا، وتحتاج إلى تحليل وفهم. خذ الإرهاب نموذجا على ذلك.

السياسات الداخلية تستند إلى أن «مصر تواجه الإرهاب»، ووصف الملك عبدالله بن عبدالعزيز المشهد بأنه «مواجهة للإرهاب»، وهناك عنف لا يهدأ فى الجامعات، وأحداث إرهابية متلاحقة آخرها حادث مديرية أمن الدقهلية. هذا الخطاب المحلى ليس له صدى كاف فى الدوائر الغربية، بل على العكس هناك نظرة أخرى مغايرة. يكفى تأمل ردود الأفعال التى تصدر عن عواصم مؤثرة تبدو خلالها متشككة فى الخطاب السائد محليا من أن الإخوان المسلمين «مصدر العنف»، وهى فى الواقع أقرب إلى التعليق السلبى ــ الغاضب ــ على الحكم على بعض النشطاء بالسجن بتهمة خرق قانون التظاهر منها إلى إدانة العنف بنفس الحماس والغضب، بما فى ذلك الاعتداء على الكنائس عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة. وكان كثيرون يتساءلون أين الغرب من الاعتداء على المنشآت المسيحية، وكان فى تصورهم أن أوروبا والولايات المتحدة سوف تنتفض جراء ما حدث، وهو ما لم يحدث، بل إن هناك أطرافا دولية انتقدت الحكومة لأنها لم توفر الحماية اللازمة للكنائس.

إدراك الأمور لم يعد كما كان منذ عقد من الزمن. فى السابق كانت الدوائر السياسية الغربية ترى أن الأنظمة الاستبدادية فى المنطقة العربية تقف فى وجه الإرهاب، وبالتالى لا بأس من غض الطرف عن استبدادها، أما الآن فإن النظرة تبدلت، وأصبحت ترى أن عدم استيعاب الإسلاميين ــ حتى وإن أصبحوا أقلية ــ فى منظومة الحكم هو سبب عدم الاستقرار.

هناك أسباب وراء هذا الموقف الذى يبدو محيرا لكثيرين. الحقائق تشير إلى أن الإخوان المسلمين استطاعوا خلال فترة ممتدة بناء قاعدة أساسية فى الغرب تتمثل فى كسب تأييد مجتمعات المهاجرين العرب، والتواصل مع باحثين ودارسين فى كليات ومعاهد بحثية مهمة، وتطوير شبكات اتصال مع الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى والمساجد والمراكز الدينية، وخلال الفترة الماضية تمكنوا من بناء علاقات مع مستويات عليا فى الدوائر السياسية والأمنية فى العواصم الأوروبية والولايات المتحدة. وساعدت التطورات الأخيرة مثل سن قانون تنظيم التظاهر، وصدور أحكام بحبس نشطاء سياسيين، والخشونة الأمنية فى بعض الأحداث على ترويج مقولات الإخوان المسلمين من أن المواجهة الراهنة بين الديمقراطية والاستبداد.

السياسات الغربية تبحث عن مصالحها، فهذه مسائل يعرفها القاصى والدانى، لا أستغرب من ذلك، لكنى أندهش من عدم قدرة الحكومة على تطوير خطاباتها، أو أدوات التواصل مع العالم الخارجى، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة شاملة ليس فقط من قبل الدبلوماسية المصرية التى أعتقد أنها تقوم بدورها، ولكن فى إطار أوسع يعيد استخدام وتوظيف القدرات المصرية، ويتوقف عن الاعتماد على كيانات هزيلة فى التواصل مع عالم حائر ومحير.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات